
لم ينتبه الشعب الجزائري وهو يروج لضرورة العودة إلى الأكل المنزلي والتقليدي على الشواطئ أن كل هذه الحملة في حقيقتها لم تتعلق فقط بصاحب السباقيتي ومهاجميه بل لأن الثقة باتت مهزوزة أمام ما يُقدم من وجبات جاهزة على مستوى المطاعم ومحلات الأكل الخفيف، إذ أصبحنا نشاهد فضائح بالجملة تتعلق بانعدام النظافة واستعمال مواد أولية فاسدة ولحوم غير صالحة للاستهلاك زيادة عن الدود وما لا نتصوره من حشرات وأوساخ غير متوقعة في حين أن الرقابة محدودة والوعي أكثر محدودية ولا أحد يبلغ المصالح المعنية عن وجود خلل أو تجاوزات وانتهاكات وهذا ما يشجعهم على الاستمرار ويثني المفتشيات عن العمل..
وتحول الجزائريين إلى الأكل المنزلي رغم بساطته غير المقاومة لإغراءات أكل المطاعم يدل على أن كثرة التجاوزات سدّت شهيتهم لخوض غمار غير محسوب ينال من صحة المستهلك وعافيته وقد يتسبب له في أمراض يظل يعاني منها لسنوات طوال حياته هذا في حال نجاته من الموت بأعجوبة وقد سجلت مئات من حالات التسمم الغذائي في موسم الصيف وحده ناهيك عن بقية الفصول ولا حديث عن الارتفاع المفاجئ والمبالغ به لأسعار المطاعم والتي لم تعد في متناول غالبية الشعب الذين يشكلون السواد الأعظم من الفئات الهشة ومحدودي الدخل وتحولت إلى أماكن محرمة خاصة في حال كانت بمستويات عالية من النظافة وحسن الاستقبال ومهيأة بكامل مستلزمات الرفاهية والتي تؤمن على الأقل جانب الغذاء الصحي والآمن لفئة من المجتمع..
وقد أصبحت مصادر الغذاء في الجزائر تشكل تهديدا خطيرا لم تبدأ مواجهته بالشكل الذي يحد من تفاقمه وامتداده وتحوله إلى أسلوب حياة، مع تمادي المخالفين بدءا من الفلاحين الذين يلجأون إلى السقي بمياه ملوثة واستعمال المبيدات بنسب كبيرة وأساليب ملتوية في الزراعة وانتهاء بوسائل الحفظ والتخزين وطرائقها غير القانونية وكذا مربي الحيوانات واستعمالهم غير الصحي للهرمونات والعلف وانتهاء بالجزارين وأصحاب المطاعم الذين لا يُراعون في الشعب إلاًّ ولا ذمة..
وما خفي أعظم من أن ترصده المتابعات والكاميرات لأن هذه القضية الشائكة تحكمها الضمائر وحدها والباقي مكملات “غذائية” لا تنفع بقدر ما تضر.
سماح خميلي