وطني

ولاة يتزاحمون على “إرضاء” المواطن!

أصبحوا يصغون أكثر مما يتكلمون..

غيّر ولاة الجمهورية من أساليب استقبالهم للمواطن على مستوى المكاتب، وبادروا بالنزول إلى الشارع والالتقاء بالمواطنين مباشرة، بعيدا عن أي شكليات بروتوكولية، وأعاد بعضهم ترتيب أولويات الحوار، حيث خفت صوت الولاة وتراجع قليلا، لفسح الطريق أمام صوت الطرف الآخر، في حين لم يتوان بعض الولاة عن إظهار ما بداخلهم من مشاعر و”حنانة” التقطتها عدسات التصوير على هامش الخرجات الميدانية..

 قلبت تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى الحكومة على صعيد إعادة التوازن داخل الجبهة الداخلية، عمل الولاة رأسا على عقب بعدما وضعت الرئاسة مصالح المواطن تحت طائلة “الخط الأحمر” في بناء الجزائر الجديدة، التي كما قال الرئيس تبون سيكون العمل والتكفل بانشغالات المواطن فيها بمثابة المعيار الوحيد للانضمام إلى فريق الرئيس.

وتعززت تعليمات رئيس الجمهورية بآليات متابعة قانونية، ورقابة إدارية ساهمت إلى حد كبير في ترجمتها على أرض الواقع، بعدما كانت هكذا تعليمات في السابق تسقط مباشرة، مع تخطي البوابات الخارجية لقصر المرادية.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على الوسائط الاجتماعية عددا معتبرا من ولاة الجمهورية، وقد ركنوا كليا إلى الاستماع لصوت المواطن، حتى أن بعضهم بدا وكأنه يتلقى تعليمات العمل من الشارع، في الوقت الذي رصدت فيه مقاطع أخرى درجات متباينة من مشاعر المسؤولين، أمام ما يلاقيه المواطن من مصاعب ومتاعب يومية، سيما تلك التي تتصل بالطفولة وتلاميذ المدارس.

كما أظهرت صور أخرى كيف تحوّل غضب السلطات على الإدارة نفسها، وتعدت الصور إلى رصد “توبيخات” قاسية للأطقم الإدارية على مرأى من المواطن.

ونصت تعليمات الحكومة من جهتها إلى الولاة على ضرورة الأخذ بيد المواطن، وعدم اعتباره عنصرا تشاركيا في عملية البناء الجديدة، بل واعتباره قوة اقتراح في الوقت نفسه، وهي الإشارات التي أصبح يلتقطها متابعون هنا وهناك، حول ضم المواطن إلى قلب المشروع التنموي، واستشارته بشكل مباشر حول ما يرى من أولويات، انطلاقا من المحيط المعيشي، إلى فضاء المدينة التي ينتمي إليها. وغيرها من “الاستشارات” التي باتت تنتهجها السلطات المحلية اليوم في مساعي تحسين الإطار المعيشي للساكنة.

ويُقر متابعون بنجاح الحكومة إلى حد بعيد في رفع التجميد عن علاقات المواطن بالسلطات، لا سيما المحلية منها، وتقريب كليهما من بعض بعد سنوات من الفتور والقطيعة أحيانا، بسبب انعدام التشاور والتواصل بين الطرفين، وغالبا ما كان المواطن يعتبر التقرب من السلطات المحلية مجرد مضيعة للوقت، في الوقت الذي أصبح فيه اليوم يلامس شيئا من هذه التغييرات الإيجابية.

وأضافت الانتخابات المحلية زخما إيجابيا آخرا لتعزيز واجهة “المواطنة” على اعتبار أن من يمثلون الشعب في مختلف المجالس الانتخابية خرجوا من تزكية شعبية مباشرة، تقلص فيها نظام الكوطة، وتوظيف المال إلى حدوده القصوى، ما فتح الباب واسعا للمراهنة على وجوه “نظيفة” تتولى مهام التسيير محليا ووطنيا.

كما كسبت السلطة رهان الوقت في تأكيد أن ما تعرفه الجزائر حاليا، بعيد كليا عن الشعارات الرنانة، وغيرها من الطموحات التي لا تستند إلى معطيات الواقع. وأثبتت الدولة بعودتها القوية على مشهد الساحة الدولية كفاعل، ورقم مهم في جميع التوازنات الإقليمية، ليضفي جانبا كبيرا من “مصداقية” الإصلاح الداخلي الذي يطالب به المواطن، ويتحدث عنه المسؤول، لكنه لا يتحقق على الأرض!

وتجد النخبة وسط كل هذه التغييرات والرسائل، طريقا مفتوحة، لفتح نقاشات حقيقية تتناول انشغالات المواطن الحقيقية، والمساهمة في حلحلتها، كما يمكنها تقديم تشريح حقيقي للواقع، وأيضا تقديم أقصر الطرق للذهاب إلى المستقبل بمزيد من الاطمئنان، وذلك ما يُنتظر من الهيئات التي تشكلت حديثا مثل المرصد الوطني للمجتمع المدني، ومجلس الشباب الأعلى، وغيرها من الآليات القادرة على الدفع بعجلة الإصلاح والإنعاش قُدُما وبشكل أسرع.

عبد الرحمان ش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.