
في ظل انتشار البرامج التلفزيونية “الاجتماعية” كالفطريات عبر مختلف القنوات التلفزيونية الجزائرية، تحضرنا حصة تلفزيونية من تقديم الإعلامي الراحل “رياض بوفجي”، التي نجح من خلالها في لم شتات عشرات العائلات الجزائرية، ومكن عديد الآباء من العثور على أبنائهم وأتاح لعديد الأبناء فرصة العثور على عائلاتهم، فكان عنوان الحصة “وكل شيء ممكن” إسقاطا دقيقا للأمل “قولا” على أرض الواقع فعلا، ورغم عدم توفر وسائط التواصل الاجتماعي، ولا الهواتف النقالة، إلا أن حصة تلفزيونية واحدة قد نجحت في تكريس “الاتصال والتواصل”، لأن الغاية كانت نبيلة، ومهمة الإعلامي قد كانت واضحة ومقرونة بصدق نواياه، والملاحظ آنذاك، هو أن الإعلامي “رياض بوفجي” قد كان يبدو في غاية الرزانة والوقار، فعاش بين الناس مشهورا بنبله وإنسانيته ونجاحه، ورحل في صمت تاركا خلفه ذكريات لا يجد بينها باحث “زلة أو علة”.
اليوم، ورغم كثرة البرامج الاجتماعية التي تبدو غايتها الظاهرة “لم شمل العائلات، وإصلاح ذات البين” بين المتخاصمين، إلا أن الحقيقة التي لمسها الجمهور هي أن هناك غاية يمكن وصفها بعبارة “حملة ذات منفعة خاصة”، أي أن الضيوف، أو الأطراف في القضايا التي تعالجها البرامج التلفزيونية قد باتوا أشبه ما يمكن بأدوات ووسائل، يستخدمها بعض من يقال عنهم “إعلاميين” لتحقيق ما يسمى “البوز” وتحقيق الانتشار عبر مختلف وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي، ولهذا، فإن الغاية قد باتت شخصية، وبالتالي، فمن الطبيعي أن يهان الضيوف، ومن الطبيعي أن تنتهك حرمات البيوت “إعلاميا”، ومن الطبيعي أن يتم نشر “غسيل الأسر” عبر مختلف القنوات، وبالتالي، فعندما تكون غاية الإعلامي “رفع عدد المشاهدات” لصالح القناة التي يعمل بها، وعدد التفاعلات لصالح “صفحته” على الفيس بوك، وقناته على “اليوتوب”، وحسابه على “الانستغرام” وغيرها من المنصات، فإن كل شيء يصبح ممكنا، فقد يصبح ممكنا حتى “إحراج ضيف” بسؤاله عما هو أكثر خصوصية من “التقاشر”.
حمزه لعريبي