
تحدثنا في هذه المساحة من قبل عن ضرورة مزامنة إجراءات الرقمنة في كل المجالات تحت اشراف هيئة تنسيقية عليا تتولى عملية التنسيق، لكن عملية المزامنة هذه لا تمنع من وجود أولويات وقطاعات ذات اسبقية، يجب الانتهاء من رقمنتها بشكل كلي في أقرب وقت لأنها تمثل واجهة للبلد ومؤشرا لقياس سمعته، ومنها قطاع النقل الجوي الذي لا يختلف اثنان حول تدني سمعته في جوانب أخرى غير الرقمنة، ورغم ما يبذل من مجهودات من طرف الشركة الوطنية المحتكرة لهذه الخدمة على غرار إتاحة الحجز الالكتروني للتذاكر باستخدام البطاقة النقدية وغيرها، لكن عندما تتفاجئ بوجود بعض الممارسات التي تعود الى العصر الطباشيري في طريقة عمل هذه الشركة تدرك حجم التحديات التي تواجه مسار تحديث ميكانيزمات العمل فيها.
يقول الرواي.. كنت مؤخرا على متن رحلة انطلاقا من الجزائر عبر طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية وكانت إجراءات الحجز والتسجيل والركوب والإقلاع والطيران هي نفسها منذ أن ركبت الطائرة أول مرة قبل ربع قرن، الغريب في الأمر أن التكنولوجيا أوجدت آلات وتقنيات متطورة جدا لتسيير الرحلات الجوية، لكن لا أثر لها في خدمات الجوية الجزائرية، البداية كانت بتعطل نظام التسجيل لمدة نصف ساعة، ثم بعد التسجيل واقتطاع بطاقة الركوب بعد طابور طويل جدا، طلب منا القيام بطابور آخر في مكان آخر من أجل المصادقة على بطاقة الركوب، وهذا استهلك منا أكثر من ساعة من الزمن، وعند الالتحاق بصالة الركوب، مررنا على أربع تفتيشات وتدقيق في الهوية، لكن ما لم نكن ننتظره هو أن نجد طاولة أمام ممر الركوب في الطائرة يجلس عندها أحد الأعوان ويقوم بتسجيل أسماء الركاب على سجل أوراقه حمراء بعد أن يتأكد هو أيضا من وثائق الهوية والركوب.. نعم يتم ذلك بخط اليد وقلم ازرق بعد أن تمت المصادقة على بطاقة الركوب الكترونيا عبر السيستام، ثم تستمر المأساة بعد الركوب على متن الطائرة، أين جاء العون ذاته وقام بعد الركام عدة مرات للتأكد من عددهم، وكل هذا جعل الرحلة تتأخر أكثر من ساعة ونصف، وسط سخط واشمئزاز المسافرين. ولن أتحدث عن غياب أي خدمة ترفيهية على مستوى الطائرة كبيرة الحجم والتي تقطع يوميا المحيط الأطلسي في رحلات تستمر أكثر من ثماني ساعات.. والأدهى والأمر أنني سمعت أحد المضيفين في مطار النزول يسأل أحد أعوان مطار النزول إن كان يريد قائمة ركاب الرحلة فقط، فأجابه بأنه سيكتفي بما هو موجود في السيستام.
ويضيف المتحدث: لقد سافرت عبر خطوط جوية كثيرة وطفت بمطارات مختلفة في أربع قارات لكنني لم أر مثل هذه الممارسات التي لم أفهمها، وأرى أنها غير مبررة، وتدل بأن بعض القطاعات ترفض التطور وتتشبث بطرقة مرضية بالأساليب القديمة البالية دون حياء ولا خجل.