عندما يشعر الجزائري أنه تم استغفاله إلى أقصى حد فإنه يقول “شبعتونا خرشف” للدلالة على أنه تم الاستخفاف به، والخرشف أو الخرشوف من النباتات التي تنمو في المناطق المتوسطية وهو من الفصيلة النجمية، وتحمل ثمرته من الأسماء المختلفة ما يميز بين منطقة وأخرى فتسمى “القرنون” في الجزائر و”القنارية” في تونس و”القعمول” في ليبيا و”القوق” في المغرب وان اتفقت جميع الأسماء على حرف القاف كعامل مشترك بين الدول “الشقيقة”..
ولا نعرف بالضبط لماذا ارتبط في الجزائر بحالات التكذيب أو للتعبير عن عدم الاقتناع بما يقوله الطرف الآخر أو الهيئة أو المسؤول المعروف بكثرة وعوده وقلة أفعاله لهذا فإن غالبية التعليقات تجد فيها تكرارا ملحوظا لعبارة (شبعتنونا خرشف) وللدلالة على أن المتلقي يعرف جيدا ما يحدث من حوله ويدركه لكن ظروفه والأحوال لا تسمح بالكثير مما يقال فيكتفي تلميحا بـ(شبعتنونا خرشف)..
ورغم أن هذه التهمة إن صح الوصف ينال منها الإعلاميون ما ينالونه إلا أنهم أوّل ضحاياها، حيث أن مواقفهم وعديد القضايا التي تُطرح بهدف نقل انشغالات المواطنين والوصول بها إلى هيئاتها المعنية والمسؤولين والتكفل بها ومحاولة حلها بما يقتضيه الحق والواجب، تكاد تتحول إلى مجرد “كلام فارغ” لا يتعدى حروفه وكلماته والأسطر، فيستشعر الصحفي نفسه مجرد واهم يحارب طواحين الهواء (بهراوة) في حين أن البيروقراطية وسوء التسيير والإهمال والعراقيل هي من تهيمن على واقع الجزائريين للأسف والذي يخالف تماما تطلعاتهم والمشاريع والبرامج التي ترصدها الحكومة لصالح التغيير في كل مرة، بينما لا نواجه سوى تراجع الأحوال وترديها غير المتماشية إطلاقا مع الانفتاح الاقتصادي المشهود والأموال الضخمة المرصودة والميزانيات والموازنات التي نتفاخر بها وتثبت أن الجزائر في طريقها الصحيح نحو تفعيل آليات التحول والانفتاح على ما يعيشه العالم من تسارعات وتحالفات جديدة، إلا أن الشعب ما يزال يقف على هامش الأولويات للأسف مادام محروما من ثمار كل تلك الإنجازات “العظيمة” ويعاني من تداعيات عقليات متحجرة لم تستطع إدراك أو تدارك الأوضاع والمواقف والتحولات وتجسيد الوعود أفعالا لا أقوالا لا تُسمن ولا تغني من مطالب الجزائريين وأحلامهم..
لهذا فإن الاعتماد على “الخرشف” كوسيلة للتعبير يؤكد مدى فاعليته كغذاء ودواء مسكن لحرقة المعدة واضطرابات الكبد وعدم استقرار الكولسترول وتعمل أليافه على التخلص من المغص المعوي وما شابه من اعتلالات لا تأتي إلا من الضغط وما أدراكم ما الضغط؟!.
سماح خميلي