العمود

هناك خلل

بصراحة

بعد مصادقة مجلس الوزراء على القانون الأساسي لقطاع التربية الوطنية، وفي انتظار صدوره بالجريدة الرسمية، عاد النقاش ليفتح حول واقع التربية والتعليم في بلادنا، خاصة وأن هذا النقاش قد تزامن مع فترة الكشف عن  معدلات التلاميذ في مختلف الأطوار، وهي الفترة التي تفاجأ آلاف الأولياء على مستوى الوطن من معدلات أبنائهم المتدنية جدا، وهنا، لم نفهم صراحة هل نلقي اللوم على الأولياء تحديدا بسبب تخلي شريحة واسعة منهم عن مسؤولياتهم في مراقبة أبنائهم “خارج المدرسة” وتقديم الرعاية النفسية لهم وإبعادهم عن كل معيقات “الدراسة” أم نلقي اللوم على التلاميذ رغم أننا شبه متأكدين بأنهم “ضحايا”، أم نلقي اللوم الأسرة التربوية عموما ابتداء من “الوصاية” وانتهاء بالأساتذة على وجه الخصوص؟

الحقيقة التي يجب أن نقر بها هي أن هناك خللا فيما يتعلق “بالمنظومة التربوية في بلادنا”، نقول هذا لأنه لو لم يكن هناك خللا لما نتجت عديد “الظواهر” التي نراها سببا في تراجع معدلات التلاميذ وتراجع مستواهم الدراسي، ولو لم يكن هناك خللا لما كان التلاميذ بحاجة إلى دروس “خصوصية” ولما كانوا حتى بحاجة إلى دروس دعم، وهنا نعود قليلا إلى الوراء، وإلى سنوات التسعينات حتى بداية الألفية الثانية، ففي هذه الفترة، وقبلها، كانت المؤسسات التربوية “العمومية” مدارس حقيقية بكل ما تعنيه كلمة مدرسة من معنى، وكان المعلم معلما وإن وجدت بعض الاستثناءات التي تعد على رؤوس الأصابع، ونظام “التعويض” للتلاميذ الذين يعانون ضعفا في “استيعاب الدروس” لا يخرج من “المؤسسة التربوية”، حيث يحدد المعلم التلاميذ الذين يتأكد من ضعف استيعابهم، ويختارهم للحصول على حصص استدراك، فيقوم بتدارك النقص لديهم؛ وبالتالي، فالمؤسسة التربوية ممثلة بالمعلم تقوم بدورها في التعليم والتقييم والتقويم، أما اليوم، فنكاد نجزم بعض الأساتذة والمعلمين للأسف هم الذين يتسببون في “تراجع مستوى التلاميذ” في “المؤسسات العمومية”، وبالتالي الدفع بهؤلاء التلاميذ إلى خارج المؤسسة من أجل التدارك، وهنا الخلل.

الخلل يكمن في “التسيب” وفي غياب الردع، فبعض خريجي الجامعات يصلون ليل نهار للحصول على المنصب، وعندما يوفقون في التوظيف، فإنهم يطبقون مقولة “يتمسكن حتى يتمكن”، فيرفضون القيام بواجبهم على أكمل وجه “في المؤسسة العمومية” من أجل “الحصول على مداخيل إضافية” خارج المؤسسة العمومية، ولهذا، فإن الوصاية مطالبة بوضع حد لهذا الأمر، ليس بهدف القضاء على ظاهرة “الاتجار بالعلم” فحسب، بل لتخفيف العبء على التلاميذ الذين يجدون أنفسهم مضطرين للقيام بواجبين، واجب الحضور إلى المؤسسة العمومية، وواجب الحصول على دروس خصوصية، وهذا حقيقة ما يفوق درجة تحمل عقل “طفل لا يتجاوز الـ14 عاما” والنتيجة هي التي نراها اليوم، أجيال “مترنحة” وفاقدة للتركيز.

سمير بوخنوفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.