ما زالت أزمة السيارات تفرض نفسها في الجزائر كإحدى أبرز المشاكل التي تؤرق المواطن الجزائري، نقول هذا ونحن نرى بأن السيارة أصبحت ضرورة ملحة في حياة الفرد ليس في الجزائر فقط، بل في كل دول العالم وليست مجرد “مؤشر على الرفاهية”، فنقول عن شيء بأنه يدخل ضمن “مؤشر الرفاهية” إذا كان بالإمكان تصنيفه ضمن الكماليات، أما والسيارة ضرورة، فإننا بحاجة لأن ندرجها أكثر من أي وقت مضى في خانة “القهوة والمواد الاستهلاكية”، فمن غير المعقول أن ندخل في عهد جديد في إطار تجسيد مشروع الجزائر الجديدة فنشهد تراجعا في القدرة على توفير الحاجات الضرورية للمواطن، نقول هذا أيضا ونحن نرى بكل صراحة أن السيارات في مرحلة سابقة قد كانت “متوفرة” لدرجة أن الإعلانات التي ينشرها مختلف الوكلاء قد كانت تحمل صيغة “الترجي”، وصيغة البيع قد طبع عليها “التسهيل”، وقد توفرت صيغة البيع بالتقسيط.
اليوم ونحن نشهد عهدا جديدا، ورؤية جدية للمضي بالجزائر قدما نحو التطور والازدهار، نجد بأننا قد تراجعنا فيما تعلق بتوفير “بعض الضروريات للمواطن”، وإن كانت الحجة في هذا الشأن مكافحة الفساد، والسير نحو “صناعة حقيقية” وكبح الاستيراد “الفوضوي”، فإننا نرى بأننا بحاجة إلى بعض المغامرة، فليس الحذر قرارا صائبا دائما، لأن التخوف من الفساد، والتخوف من انخفاض “بعض الأرقام” التي يسعى رئيس الجمهورية لأن يجعلها مرتفعة كتلك المتعلقة “بخفض ميزانية الاستيراد” قد تؤخر عملية “القضاء على أزمة السيارات”، في حين أنه بإمكاننا التغاضي لفترة من الزمن عن هذه الرؤية والعودة مؤقتا إلى استيراد السيارات لكسر سطوة “السماسرة” ولتحقيق التشبع في “حظيرة السيارات” وخفض أسعارها، والتوجه في الوقت ذاته إلى التصنيع بكل أريحية بعيدا عن ضغط الشارع.
بكل صراحة، فإنه بات ضروريا غلق ملف “السيارات”، ومن أجل غلقه لابد من السلاسة في التعامل، ولابد من التساهل أحيانا، لأن المصلحة العامة، وضبط الجبهة الداخلية أولى من الأرقام، حتى أن كبح الفساد قد لا يتم بالشكل الصحيح إذا كانت العملية تتضمن إجراءات من شأنها أن “تقلق راحة المواطن” الذي بات يحلم “بسيارة”.
سمير بوخنوفة