المعروف عن نظام بشار الأسد حسب ما كان ومازال متداولا هو أنه دكتاتوري، يمارس التعتيم على الحقائق ويفرض تكميم الأفواه، وبحسب ما أظهرته “وسائل إعلام عربية” مناهضة لنظام الأسد على لسان “عدد من السوريين” هو أن الشعب السوري قد كان يعيش الخوف طوال عقود مضت، ويعيش في بيئة لا كرامة له فيها وفي بلد ساد فيه الظلم وغابت فيه العدالة، وباختصار، فقد تم تصوير سوريا طوال فترة حكم عائلة الأسد على أنها “أرض المعذبين في الأرض”.
من جهتنا، فقبل الربيع العربي، لم نر أية مؤشرات على أن الشعب السوري يعيش القهر، ولم نر أية ملامح أو مظاهر “ظلم واستبداد”، بل على العكس، فسوريا كانت بلد صناعة وإنتاج، وبلد علم وسياحة، والمجتمع السوري كان مسالما وراقيا في تعامله، وأن نجد مجتمعا مسالما راقيا فهذا ما يعني بأن البيئة سليمة، والشعب سوي نفسيا لا يعاني أية عقد ناتجة عن “سوء المعاملة”، والأكثر من هذا، هو أن الفنان في سوريا قد كان أكثر من “عبر بحرية” عن رأيه، والفن السوري أكثر فن مزدهر في الوطن العربي، ونقول هذا طبعا دون أن ننكر بأن هناك حالات استثنائية للظلم وممارسات غير مقبولة كما في كل بلد.
ما حدث بعد “تنحي الأسد عن الحكم” هو أن هناك فنانين قد خرجوا يتوددون للجولاني و”شلته” من خلال “الطعن في نظام بشار الأسد” وأبيه قبله، فراح كل فنان يتودد بطريقته ويسرد قصصا من الخيال، فهناك من قال بأنه “سجن في الطابق الرابع تحت الأرض” رغم أن هناك من أنكر وجود طوابق أرضية في “سجن صيدنايا” وأن كل ما تم تداوله “تلفيق إعلامي وتضليل”، وهناك من قال بأن “العمل التلفزيوني الذي” شارك فيه قد كان يستهدف بشار الأسد وغير ذلك من القصص والمشاهد التمثيلية التي يراد منها التملق “للنظام الجديد” برئاسة الجولاني وما يسمى بإدارة العمليات العسكرية.
ما نعرفه نحن كجزائريين، هو أن الثورة غايتها العيش في كنف العز والكرامة، وكل انتفاضة من أجل التغيير الهدف منها “الخروج” من حقبة يطبعها الذل والهوان إلى عهد جديد يستشعر فيه الفرد “الكرامة” والحرية، لكن الذي حدث في سوريا، هو أن شريحة واسعة من الشعب قد باتت تتودد بطريقة يطبعها الخضوع والخنوع للجولاني “وجماعته” درءا “لأي انتقام”، وباتت تهين نفسها بالظهور بمظهر “المذلول” بطريقة لم تكن مضطرة لأن تظهر بها في “عهد الأسد”، فهل يمكن القول أن السوريين انتصروا وهم يعيشون خوفا من “الجولاني” في أولى أيام حكمه لم يعيشوه طوال عقود من حكم الأسد؟
حمزه لعريبي