العمود

هل أنسانا دفء منازلنا برد غزة؟

غيض من فيض

أشهر طويلة ثقيلة مليئة بالألم مرت على غزة الجريحة التي تجاوزت الأزمة الخانقة فيها سنة كاملة ولازالت تصرخ وتستنجد، إلا أن القلوب الميتة والضمائر الغارقة في الشهوات وملذات الحياة؛ بل ودعمت القتلة بصمتها، لم تتمكن من فك حصار غزة وتقديم العون لأهلها الذين ارتقوا مثنى وثلاثا ورباعا بل بالمئات والآلاف ليرفعوا إلى ربهم شكوى الظلم والجور الذي أصابهم من يد الكيان المجرم، وعلى يد إخوانهم العرب المسلمين الخونة.

فقد طال عذاب أهل غزة من نساء ورجال وأطفال وشيوخ، فمرت بهم السنة الأليمة كأنها دهرا وهي تستنزف حياتهم، لكنها لم تستنزف قوة إيمانهم ورغبتهم في استرجاع أرضهم ولم تغير قناعتهم ولا ثقتهم في رسالتهم الحقة، لكنها تمكنت من جعل مناصري القضية ينسون شيئا فشيئا حتى التهوا في حياتهم الخاصة وغرقوا في تفاصيلها كما أنستهم منازلهم الدافئة برد غزة.

فلم تعد صور أشلاء الأطفال ولا جثثهم المتجمدة تثير استياء وحزن الكثير من المسلمين على وجه العموم والعرب خاصة، وكأنهم تعودوا على هذا الوضع وربما لم تعد ألسنتهم مهتمة برفع دعاء الفرج لأجلهم والصلاة لنصرتهم، وهذا ما يبتغيه العدو ويرمي إليه، ولم تعد أزمة غزة تثير حماسة الشباب اليوم الذي كان بالأمس يطالب بمنحه الحق في الجهاد بفلسطين لأنه منشغل بأمور كثيرة غير القضية الفلسطينية.

وهناك من يقف عاجزا يتساءل كيف ينصر إخوانه في غزة وكيف يقدم يد العون وما السبيل لذلك؟ فغزة التي احترقت بالأمس تتجمد اليوم بعد أن غرقت وربما ستباد عن بكرة أبيها غدا ونحن على ذلك شهود، فكيف لنا أن نبرئ ذمتنا ونحن المستمتعون بدفء منازلنا والمتناسون لبرد غزة، فافتونا في الأمر يا أصحاب العقل والدين..

نوارة بوبير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.