
أصدرت مديرية التربية لولاية بومرداس أمس حسب ما تداولته وسائل إعلام وطنية قرارا يقضي بتوقيف مديرة ثانوية بذات الولاية تحفظيا بعد أن صنعت وثيقة الحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعلق الأمر باستمارة كانت قد وزعت على تلاميذ بالثانوية والتي وصفت بغير المقبولة ولا تمت بصلة للنصوص والتنظيمات المعمول بها بسبب ما تضمنته من إثارة للتمييز الطبقي بين التلاميذ، حيث طلب من التلاميذ الذين استلموا الاستمارة تحديد الوضعية المادية لعائلاتهم إن كانت “فقيرة أو متوسطة، أو غنية”.
لطالما تحدثنا عن موضوع العاملين في قطاع التربية، من أساتذة ومعلمين، ومن مسؤولين ومشرفين، وقد قلنا مرارا بأن قطاع التربية يفترض أن يخضع كل عامل فيه لاختبارات نفسية قبل التوظيف، ولتكوينات في طريقة التعامل مع التلاميذ، وهذا بناء على أن فاقد الشيء لا يعطيه، والمعلم الذي يعاني من اضطرابات نفسية قد لا يصنع جيلا سويا، والمعلم غير المتخلق قد لا يصنع جيلا متخلقا، والمشرف العنيف الهمجي قد يتسبب في أضرار نفسية للتلاميذ وحتى أضرار جسدية، والمدير المتحزب أو المنتمي لتيار ما أو المتبني لإيديولوجية ما قد يسيس المؤسسة المسؤول عنها ويحولها إلى “وسيلة لنشر” أفكاره، وعندما نقول هذا، فليس مبالغة، بل إن الأمثلة في الواقع كثيرة، ولعل من حرر الاستمارة في ثانوية ببومرداس وطالب التلاميذ بتحديد الوضعية الاجتماعية حتما شخص ليس سويا، أو أن له أهدافا وغايات ومآرب أخرى غير التربية والتعليم.
في المؤسسات التربوية عبر العالم، نلاحظ أن الدروس لا تقتصر على تعليم التلاميذ في مختلف الأطوار الحساب والقراءة والكتابة، بل إن هناك حصصا لتدريب التلاميذ على القيام بأعمال تفيدهم في حياتهم اليومية، ليس هذا فقط، بل إن عديد المدارس والمؤسسات التربوية عبر العالم توحد اللباس الرسمي للتلاميذ، وهذا دحرا للطبقية والتمييز بين “ميسور الحال” وبين الفقير، أما نحن في الجزائر فإضافة إلى تدهور مستوى التعليم فهناك مساع لتحطيم الأخلاق ونشر الكراهية والتمييز بين التلاميذ من خلال “محاولة تصنيفهم” حسب الوضعية المادية للأولياء، ولهذا، فإننا لن نتمكن من صناعة أجيال سوية ومتحابة ومتساوية بمعلمين ومسؤولين “عشش التمييز في عقولهم”.
سمير بوخنوفة