
مع حلول شهر رمضان كل عام، تعود عديد القنوات التلفزيونية لتثير الجدل بأعمال تفتح باب النقاش على مصراعيه حول ما إذا كان ما تقدمه مناسبا ومستجيبا لخصوصية المجتمع الجزائري أم لا؟ وفي كل مرة ينقسم الجمهور الجزائري، بين من يرى في الأعمال التلفزيونية فنا، فيتم تبرير ما يعرض على الجمهور بأنه من مقتضيات “الصناعة السينمائية” واستجابة “للفن الحديث”، وبين من يرى بأن في “بعض الأعمال التلفزيونية” تنفيذا لأجندة معينة تهدف إلى “بث السموم” في عقول “المشاهدين” عملا بنظرية “الغرس الثقافي” أو “الحقنة تحت الجلد”، وعلى الأرجح، فإن انقسام الجمهور الجزائري بين مؤيد ومعارض مرده للاختلاف في “درجات الوعي” لدى الجمهور، فالمشاهد البسيط، لا يمكنه أن يرى ما يراه المشاهد الذي يتمتع بنزعة “تحليلية ونقدية” للمضامين.
من بين تقسيمات الجمهور، أن تم تصنيفه إلى جمهور حساس يتفاعل مع كل ما يعرض لدرجة أن هناك من يتأثر بالعمل التلفزيوني حد تقمص شخصيات العمل التلفزيوني في الواقع، وهنا يكمن الخطر، فبعض المراهقين مثلا، نجدهم يتأثرون بشخصيات “سيئة” يصورها العمل التلفزيوني على أنها “قدوة”، وهذا ما عكفت عليه “عديد القنوات التلفزيونية” طيلة سنوات، حيث تريد أن ترسخ فكرة أن “بائع المخدرات بطل”، و”البلطجي بطل”، والفتاة المحجبة “سيئة”، وغير ذلك من الأمثلة، أما الصنف الثاني فهو الجمهور العنيد، وهو الجمهور الذي لا ينساق خلف ما يعرض، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يحلل أحداث العمل التلفزيوني ويكتشف الرسائل المبطنة، وهذا النوع من الجمهور يعتبر جمهورا سلبيا بالنسبة لبعض القنوات التلفزيونية، لأنه يعيق عملية “إيصال الرسائل والمضامين” إلى بقية أصناف الجمهور، ولولا الجمهور العنيد، لسهلت عملية “مسخ “العقول والأفكار” التي مازالت مستمرة، وهنا نتساءل، لما لا تتابع سلطة الضبط، والمصالح المعنية “بأخلقة الفن” بعين “الجمهور العنيد” لترى ما تسعى عديد القنوات التلفزيونية، وعديد المنتجين للوصول إليه من خلال أعمال لم تتوافق مع “خصوصية المجتمع الجزائري” كمجتمع مسلم أولا، وكمجتمع محافظ ثانيا، وكمجتمع يرفض كل أشكال “الإهانة” ثالثا، وأن تستخف القنوات التلفزيونية بعقول المشاهدين وتستفز مشاعرهم فهنا الإهانة.
حمزه لعريبي