العمود

نتيجة “الاستخفاف”

وجب الكلام

في سنوات سابقة، نذكر أن العائلات في أغلب مناطق الأوراس مثلا قد كانت تستعين في “التدفئة” بالحطب، وكان الإقبال على هاته المادة كبيرا جدا، حتى أن هناك عائلات قد كانت تخزن الحطب بطريقة مبالغ فيها إذ أنها تصنع من حزم الحطب “حصونا” تدفع بالناظر لأن يعتقد بأنه على مقربة من قلعة أو ما شابه، وبالرغم من أن العائلات قد كانت تلجأ إلى الأشجار اليابسة لقطعها إلا أن هناك رقابة شرسة إن صح التعبير من طرف أعوان الغابات وقد كانوا يفرضون غرامات مالية بشكل صارم على كل من يصادفونه في “الغابة” وهو يقوم بفعل “مشبوه”، وبالتالي فقد كان الدخول إلى الغابات في وقت سابق صعبا جدا أي أن الغابة قد كانت لها حرمتها، وكان للبيئة قيمتها وقد كان لأعوان الغابات هيبتهم ويمكن لأي شخص أن يستشعر اهتمامهم البالغ “بالشجر” ودفاعهم باستماتة عن كل ما هو أخضر.

بمرور الوقت، اتضح بأن عمل “أعوان الغابات” لم يعد بتلك القيمة والأهمية كما في السابق، بل الأكثر من ذلك هو أن أعوان الغابات لا يبدون ذلك الاهتمام بقيمة الأشجار ولم يعودوا يستميتون في حماية البيئة والغابات بل إن عمل أعوان الغابات قد بات أشبه “برفع عتب” فهم لا يكثفون تنقلاتهم وخرجاتهم إلى الغابات كما في السابق، والمؤسف في الأمر أن عملية توظيف أعوان الغابات قد باتت تعتمد على معايير لا توحي وأن المهمة هي “حماية الثروة الغابية” كمهمة ميدانية بل إنها باتت “مهمة إدارية” خاصة بعد إتاحة الفرصة للإناث، وهذا ما نراه استخفافا بالثروة الغابية ونقصا في الاهتمام بالغابات كثروة.

لو أن المسؤولين وأصحاب الحل والربط في قطاع الغابات قد همهم أمر الغابات لما استخفوا بها، والاستخفاف بالغابات يتضح في استراتيجية العمل “الضعيفة” إن صح التعبير، فعندما اندلعت الحرائق في غابات الأوراس اتضح بأن الأمر ليس مجرد صدفة، بل إن الحرائق المتفرقة قد كانت توحي بأن هناك من يشعل النار في نقطة ثم يستغل انشغال الناس بها ثم يشعل النار في نقطة أخرى، وهكذا يتم استنزاف قوى العاملين على إخماد الحرائق وهذا ما ساهم في سرعة اشتعال مساحات واسعة، وقد قلنا حينها بأن الأمر لم يعد يتطلب عمليات إخماد بقدر ما بات يتطلب عمليات تمشيط للغابات وحماية للمناطق التي لم تشتعل، ونرى في هذا بأنه لوقام المسؤولون في قطاع الغابات في كل ولاية من ولايات الوطن خاصة ذات الغطاء النباتي الكثيف بوضع استراتيجية صارمة في كل موسم صيف لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، والحديث عن استراتيجية تعتمد على المراقبة الدائمة للغابات والقيام بدوريات في قلب الغابات خاصة الهامة منها لعدم ترك فرصة لأي كان كي يخطط أو ينشر “الإطارات المطاطية” بأريحية، نقول هذا بعد أن ثبت بأن هناك تراخيا من قبل القائمين على قطاع الغابات فيما يخص بوضع استراتيجيات وقاية، ومراقبة، ولو كانت الإرادة قوية في حماية الغابات كما في السنوات السابقة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه بكل صراحة، أما وقطاع الغابات قد تحول إلى قطاع أشبه بكونه “مجرد إدارة” فالأكيد أننا لن ننجح في حماية ثروتنا الغابية، لأن الميدان يحتاج لرجال وقطاع الغابات أصبح أشبه “بإدارة وبريستيج”.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.