
لا تنزل الثلوج والأمطار في بلادنا إلا لتكشف لنا ما تخبئه مناطق “العتمة” والظلم الاجتماعي من معاناة لا يمكن وصفها بكلمات قد لا تليق بقساوة ما يعايشه أولئك الجزائريون الذين لم ينعموا بعد بمزايا الاستقلال والحرية وهم يواجهون ويتوارثون ما عايشه أجدادهم وآباؤهم قبل 62 سنة من نيل الحرية وخروج فرنسا صاغرة، حيث لا يمكن أن نتشدق بالاستحقاقات الحقوقية والضمانات الدستورية التي تضع الجزائريين جميعا في ميزان عدلي واحد بينما هناك من يزال يجمع الحطب للتدفئة من البرد والصقيع وقد تظافرت قساوة الطبيعة مع تردي الأحوال المعيشية ضده، وليس له من بديل عنه لانعدام الغاز الذي يوفر الرفاهية والدفء والكثير من المال والجهد وهو مطلب شعبي ما يزال يحلم به الآلاف من الجزائريين الذين يعيشون في المناطق النائية وفي القرى والمداشر وبعض الأحياء المعزولة في المدن ويفتقدونه في أوج أيام الشتاء الباردة، وإذا تعذر لأي سبب من الأسباب توفيره لمثل هذه المناطق فإن المدافئ الكهربائية قد تفي بالغرض مع إلغاء الفواتير كحل مؤقت إلى أن يتم التكفل أو خفضها إلى أدنى مستوى لها كأقل واجب تضامني يحظى به السكان..
وعلى الرغم من وجود وسائل متنوعة لتوفير الغاز بأنواعه المختلفة والتطور المشهود في هذا القطاع إلا أن السلطات لم تستطع إلى حد الساعة في احتواء الأوضاع وتبسيط حياة الفئات المحرومة التي وُجهت لها أموال وميزانيات ضخمة في إطار التكفل بمناطق الظل كأولوية حظيت باهتمام رئاسي في الصدارة مع التأكيد أنه لا يمكن بناء جزائر جديدة دون ترقية هذه المناطق والتكفل بسكانها من خلال توجيه برامج ومشاريع مكثفة وإعداد ما يضمن لهم العيش الكريم..
وبمرور السنوات التي طُويت منذ إعلان التكفل دون تحقيق النسب المطلوبة من المشاريع الخاصة بهذه المناطق والأهداف نسجل تعثرها عند نقطة البداية في كثير منها، حتى وإن كانت التقارير الرسمية تؤكد تغطية ما يزيد عن الستين بالمائة من تلك المشاريع المذكورة وهو رقم مُبالغ به سرعان ما يفتضح مع استمرار المعاناة في غالبية المناطق المعنية وكثرة الشكاوى التي تُختصر في كلمة واحدة (اخزروا لينا يرحم والديكم) وأزمات العطش والنقل والعلاج وغياب المرافق والقطاع الخدماتي زيادة عن عدم توافر الغاز كل هذا يؤكد أن رقعة الظل أو لنقل الظلام متسعة كفاية لتكون حاجزا بين حصول السكان على حقوقهم التي كان للسيد رئيس الجمهورية كلمته وموقفه المُشرّف بشأنها وبكون الوضع مرفوض تماما وهذا ما يعني أن العرقلة والتقصير على مستوى السلطات المحلية والجهات المعنية فيها والحل أيضا.
سماح خميلي