بعد اعتقال “بوعلام صنصال” من طرف أمن مطار هواري بومدين الدولي فور وصوله إلى الجزائر قادما من فرنسا، تحول الخبر في لمح البصر إلى قضية رأي عام، حتى أن “سياسيين جزائريين” محسوبين على “المعارضة” قد أبدوا استياءهم وانزعاجهم من “قرار” الاعتقال، غير أن أغلبية الجزائريين بما فيهم “سياسيين” ووزراء سابقين قد استحسنوا القرار معتبرين إياه خطوة شجاعة كرد على تطاول صنصال وتلفظه بكلام يسيء لتاريخ الجزائر ويسيء لمصالح الجزائر أيضا، إلا أن التصريح الذي أدلى به وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السابق “الهاشمي جعبوب” قد أخذ حصة الأسد من النقاش من طرف الجزائريين بعد أن أكد بأن بوعلام صنصال قد كان إطارا ساميا في الدولة، وكان يشغل تحديدا منصب مدير عام بوزارة الصناعة التي كان جعبوب على رأسها، وأكد جعبوب أيضا أن صنصال قد كان دائم السفر إلى دولة أجنبية ولا يحضر إلى الوزارة إلا نادرا، وما يفهم من كلام جعبوب هو أن “صنصال قد كان يتقاضى” راتبا من الدولة الجزائرية ويحظى بامتيازات من الدولة الجزائرية، وفي المقابل، يعيش ويتلذذ “بجودة الحياة” في فرنسا، وهنا تساءل الجزائريون عن طبيعة المهام التي ادعت أطراف أن صنصال قد كان يخرج إلى فرنسا في إطارها؟
بمجرد اعتقال صنصال، خرجت أطراف موالية لفرنسا في الجزائر، وخرجت أطراف من فرنسا بما فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واتفقوا على الإعراب عن قلقهم إزاء اعتقال “مواطن فرنسي” كان يشغل منصبا ساميا في الدولة الجزائرية، وهنا، نستحضر تلك الطريقة التي يتبعها الصياد لكشف مكان “العصافير الصغار”، حيث يتم تحديد نطاق مكان العش من خلال “زقزقة الخطر” التي تطلقها العصفورة الأم، فكلما كانت الزقزقة قوية ومتسارعة، كلما ساعد ذلك على تضييق النطاق الذي يتواجد به الصغار، وبالتالي، فطالما أن فرنسا قد تسارعت زقزقتها وارتفع صوتها وصوت “أبنائها في الجزائر” فهذا ما يعني بأن صنصال “عصفور فرنسي”، ويمكن القول أن دفاع فرنسا المستميت عن عصفورها لهو خوف من أن يغرد لغيرها، وهذا ما يعني أنه كان يغرد لها.
نتساءل، كيف لصنصال أن يغادر إلى فرنسا وهو إطار سام يحصل على راتب شهري، ويحظى بامتيازات من الدولة الجزائرية، ثم يعود إلى الجزائر “وهو مواطن فرنسي”، ألا يعني هذا أنه قد جاء في مهمة خاصة وهو الذي جمعه لقاء مع السفير الفرنسي السابق في الجزائر “دريانكور” الذي يكن حقدا لكل ما هو جزائري؟ ولهذا، فإن طبيعة مهمة صنصال “في الجزائر” وهو مواطن فرنسي، من شأنها أن تبين طبيعة مهامه في فرنسا وهو “إطار سام” في الدولة الجزائرية؟ فالعصفور الذي كان يغرد لفرنسا، قد تحول إلى “طائر مينا” جاء لينقل “زقزقة أمه” إلى عصافيرها في الجزائر.
حمزه لعريبي