لا ننكر أننا نشعر في الكثير من الأحيان بأن باتنة لم يعد لها ثقل الذي كانت تتمتع به من قبل، وتأتي كل مناسبة لتعزز هذا الشعور، وهذا ما بات يدفعنا لطرح إشكال غاية في التعقيد، فنتساءل في إطاره كيف فقدت باتنة ثقلها، ومن تسبب في ذلك؟ وربما يمكن التساؤل بصيغة أخرى، من تخلف عن القيام بدوره في الحفاظ على مكانة باتنة؟
سياسيا، ورسميا، يفترض أن يمثل ولاية باتنة نواب البرلمان، وأعضاء مجلس الأمة، وبعض النافذين في الأحزاب وفي مؤسسات الدولة، غير أن الذي لاحظناه، هو أن هناك نوعا من “الخمول” من طرف الكثير ممن تم ذكرهم، حتى أن الأسئلة والمرافعات في مبنى زيغود يوسف قد استشعرنا بأن فيها نوعا من “التردد والخوف”، أو أنها عبارة عن “رفع عتب” لا إلحاحا ولا إصرارا على “سحب إجابات منطقية من ممثلي الحكومة”.
اجتماعيا، أو مجتمعيا، يفترض أن هناك فعاليات مجتمع مدني بولاية باتنة، ويفترض بها أن تسوق لنفسها بطريقة تمنحها ذلك الثقل “وطنيا” بما يمن شأنه أن يضطر “السلطات العليا” إلى توجيه راداراتها إلى ولاية باتنة، غير أن هذه الفعاليات قد باتت تستسلم للمجاملات، وتستسلم لمن يدعوها إلى “الظهور بمظهر الحمل الوديع” وبهذه الطريق أفل نجم العديد من الفعاليات التي كان يعول عليها في التسويق “لولاية باتنة” سياحيا، ثقافيا، علميا بيئيا وفي شتى المجالات.
بالنسبة لرجال المال والأعمال، فالكثير منهم قد بات يفضل الاستثمار خارج الولاية، والكثير منهم قد امتنع عن صناعة الصورة الذهنية التي نحن بحاجة إليها في ولاية باتنة، والمتمثلة في “قوة باتنة اقتصاديا”، رغم أن هناك بوادر للإقلاع الاقتصادي في الولاية كي لا نكون مجحفين في حق الفاعلين، إلا أن هذه البوادر لا تكفي للقول بأن باتنة “قوية”.
أن يستحضر رئيس الجمهورية في كلامه عن “برنامج لعصرنة وتطوير المدن” إحدى المدن ويقول عنها ما قاله، ويتناسى ولو سهوا مدينة باتنة “التاريخية” ومهد الثورة ومعقل الثوار الأحرار وعاصمة التاريخ والحضارات في شمال أفريقيا، وإن دل هذا على شيء، فإنه يدل على أن باتنة ليس لها من يمثلها على المستوى المركزي وعلى مستوى الهيئات المنتخبة بالطريقة التي يفترض أن تمثل بها “عاصمة الأوراس”، والحل في نظرنا يبدأ بتحديد من يمثل ولاية باتنة، فعندما نحدد من يمثلها، فإنه يسهل علينا تحميله مسؤولية ما تعانيه من تهميش.
حمزه لعريبي
