
ما هو ملاحظ في الجزائر خلال الأسابيع القليلة الماضية، هو أن هناك ملامح غضب من جل المعنيين بالقانونين الأساسيين لقطاعي الصحة والتربية، والتي تجلت في شن إضرابات، وخروج بعض المنتسبين للسلكين في احتجاجات بمختلف ولايات الوطن، في انتظار إضرابات أخرى مقررة، وهو ما يعني أن القانونين الأساسيين لم ينالا رضا أغلبية المنتمين للسلكين، ونحن نقرأ بعض بيانات التكتلات والنقابات، يتضح لنا بأن من بين دوافع الغضب أن مقترحات هذه النقابات لم تؤخذ بعين الاعتبار في إعداد مسودتي مشروعي القانونين، واللتين تمت المصادقة عليهما لتصبحا قانونين أثارا ومازالا يثيران الكثير من التساؤلات.
المتعارف عليه في كل العالم، هو أنه عند إعداد مشروع أي قانون فإنه لا بد من إشراك المعنيين به، معنى هذا أنه عند إعداد قانون خاص بالصحة فلا بد من إشراك كل من لهم علاقة بالصحة دون إقصاء لأية فئة يشملها القانون، نفس الشيء بالنسبة لقانون التربية، ونفس الشيء لمختلف القوانين، وهنا نتساءل، إن كان قد تم إشراك المعنيين بقانوني الصحة والتربية في الجزائر في إعدادهما، فما الذي يفسر “خروج المعنيين” في احتجاجات؟ ألا يعني هذا مثلا أن الذين تم إشراكهم لم يرفعوا المقترحات واكتفوا بالمشاركة الشكلية؟ أما إذا لم يتم إشراك المعنيين فمن أعد القانونين؟
مشكلتنا اليوم في الجزائر هو أن الذين يتكلفون بمهمة التمثيل في إعداد مسودات مشاريع القوانين لا يكونون عادة في صورة الوضع “الحقيقي”، بمعنى أن الذين يتكلفون بمهمة التمثيل ليسوا في نفس المستوى مع الذين يتم تمثيلهم، وكمثال، فإن الذين تكلفوا بمهمة إعداد مسودة مشروع القانون الأساسي الخاص بقطاع الصحة لا تهمهم تلك التفاصيل التي تهم المستخدم البسيط، وليست رؤية “ممثل ينظر للأمور بعين المكتفي وبعين شخص تحققت له كل ظروف الرفاهية والراحة كرؤية مستخدم مازال يسعى لتحسين مستواه المعيشي ورفع قدرته الشرائية ليتمكن من شراء شقة أو سيارة”، وهذا المثال ينطبق على كافة القطاعات، حتى في قطاع الإعلام، والذي كنا قد تطرقنا بشأنه سابقا إلى أنه من الضروري أن يتم إشراك “الصحفيين والإعلاميين” في إعداد مسودة مشروع القانون العضوي للإعلام، ذلك لأن هناك أمورا يراها الصحفي والإعلامي الحقيقي ولا يمكن لممثل “الإعلام” أن يراها وهو الذي لم يمارس في حياته “عملا صحفيا أو إعلاميا”، وبالتالي، فلا بد عند إعداد مسودة مشروع أي قانون أن يفتح المجال للمعنيين بالأمر، ويفتح المجال للذين يكلفون من “المعنيين بالأمر” وليس للذين يتكلفون بعيدا عن المعنيين بالأمر، وإلا فكل القوانين ستكون بمثابة “حبر على ورق” لا تغيير يتحقق ولو “تم تعديلها عشرات المرات”.
حمزه لعريبي