عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت”. رواه البخاري.
هذا الحديث حديث عظيم، عليه مدار الإسلام، وأصول الأخلاق، بقول فصيح وجيز، يعد من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام.
“إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى”، قال ابن حجر: أي مما بلغ الناس من كلام النبوة، مما اتفق عليه الأنبياء؛ أي: إنه مما ندب إليه الأنبياء، ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم؛ لأنه أطبقت عليه العقول، وزاد أبو داود [وأحمد] وغيرهما: «النبوة الأولى»؛ أي: التي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم.
قال ابن رجب: يشير إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين، وأن الناس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن، وهذا يدل على أن النبوة المتقدمة جاءت بهذا الكلام، وأنه اشتهر بين الناس، حتى وصل إلى أول هذه الأمة.
“إذا لم تستح فاصنع ما شئت” أورد أهل العلم معنيين لقوله عليه الصلاة والسلام: ” إذا لم تستح فاصنع ما شئت”؛ أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمراد: إذا لم يكن حياء، فاعمل ما شئت، فإن الله يجازيك على ما صنعت.
والآخر: أنه أمر بمعنى الخبر، والمراد: أن من لم يستحي صنع ما شاء؛ فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء، انهمك في كل فحشاء ومنكر.
قال عمر رضي الله عنه: (مَن قل حياؤه قل ورعُه، ومن قل ورعه مات قلبه).