العمود

من شروط نجاح المشروع

وجب الكلام

إن عملية البناء تتم على مراحل، بحيث يحترم دور كل عامل بأن يكلف بأداء عمله وفق تخصصه، ولكي ينجح أي مشروع فلابد من إشراك ما توفر من “المختصين” كل وفق المرحلة أو وفق “المهمة” المحددة، فمرحلة دراسة طبيعة الأرضية لا يمكن تكليف البناء بها، ومرحلة التصميم لا يمكن تكليف “الكهربائي” بها، كما لا يمكن تكليف خبير التربة بعملية البناء، وفي المجمل، لا يمكن الاستغناء عن أي منهم، فكل منهم جزء “من الكل”، ولا يمكن للجزء أن يكون “الكل في الكل”، بحيث لا يمكن تكليف المهندس المعماري وحده بالمشروع كله، كما لا يمكن الاستغناء عن “المهندس المعماري” في كل المشروع، ومشروع البناء أيضا يمكن تمثيله “بلعبة شطرنج”، بحيث لكل حجر دوره ولا يمكن الاستغناء عن أي من هذه الأحجار، فحتى الملك، ليس بإمكانه أن يخطو خطوة واحدة ما لم يتم تحريك “الأحجار” من أمامه، وبالتالي، فمن أجل إنجاح “الجولة” كمشروع فلا بد من تحريك الأحجار بحسب “صلاحيات” كل حجر.

الجزائر الجديدة، كمشروع وطني، لا يختلف عن مشروع بناء، ولا يختلف أيضا عن لعبة شطرنج، وبالتالي فإن هذا ما يعني بأن كل “فرد” في الجزائر معني بالمساهمة في عملية “البناء” كل حسب تخصصه وكل حسب مجال اختصاصه، والدستور الجزائري ذاته قد فصل في هذا الأمر ومنع كل ما يمكن أن يدخل ضمن “الممارسات الجهوية”، بمعنى أن الدستور يمنع “الإقصاء” بتعبير آخر، لأن الإقصاء أو ما يسمى بالممارسات الجهوية هو احتكار “للأدوار” في عملية البناء، بحيث يصبح ممكنا “لصاحب معصرة” أن يحدد “طبيعة الأرض” التي يجسد عليها المشروع، ويصبح ممكنا “لصاحب قطعة أرض” أن يصمم المشروع، ويصبح ممنوعا في المقابل على “الخبير وعلى المهندس” المساهمة في المشروع، والنتيجة بطبيعة الحال “منشأة” آيلة للسقوط في أية لحظة، ومنشأة غير آمنة.

اليوم، إن أردنا فعلا إنجاح “الجزائر الجديدة” كمشروع وطني فعلينا أن نشرك فيه الجميع من شرق الجزائر لغربها، ومن شمالها إلى جنوبها، دون تمييز بين “هذا وذاك” ودون “احتكار لهذه المؤسسة أو تلك”، فمن شروط أي مشروع وطني أن تكون لكل “مواطن” فيه بصمة، أما لو كانت مرحلة ما حكرا على “جهة” ومرحلة أخرى حكرا على جهة أخرى فإن المشروع سوف لن يكون سوى “صفقة” بين طرفين لا مشروعا وطنيا.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.