وطني

مـافيـــا “البن”.. جبهة جديدة من الفساد التجاري في الجزائر

الحكومة تتوعد بإسقاطها وإعادة ضبط السوق

أطلق وزير التجارة وترقية الصادرات الطيب زيتوني الأسبوع المنقضي تصريحات “نارية” اعتبر فيها من يقفون وراء أزمة القهوة الحالية بمثابة آخر قلاع الفساد الذي ستواجهه الحكومة بحزم وصرامة، وأن دخول مؤسسات عمومية على خط الاستيراد والتوزيع كفيل بإخماد “فتنة البّن” بالنظر إلى الارتباط الوطيد لهذه المادة بنسيج العلاقات الاجتماعية وسط الجزائريين.

عبدالرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شكّل اختفاء مادة البن من رفوف المتاجر صداعا جديدا للحكومة بجانب شرائح اجتماعية واسعة تحولت فيها أزمة القهوة إلى ضربة موجعة طالت صميم العلاقات الاجتماعية وسط الأسر الجزائرية.

واعتبر زيتوني خلال إشرافه على افتتاح صالون الإنتاج الوطني من قسنطينة أن من افتعلوا الأزمة كان هدفهم واضح رغم محاولات التحجج بتنفيذ المرسوم الذي أرادت الحكومة إشراك جميع المتعاملين في صياغته، وأن متعاملين اختاروا ممارسة الضغط على نحو هو أقرب إلى “ابتزاز” الدولة.

ويتضح من الأرقام التي قدّمها رجل قطاع التجارة الأول وجود مخطط وراء افتعال الأزمة بعدما نزل مستوى استيراد هذه المادة من سقف 29 ألف طن شهريا إلى حدود 3000 طن، وهو الأمر الذي انتهى إلى حدوث أزمة.

ومع أن الحكومة سارعت إلى الاستنجاد بالمؤسسات العمومية في إطار البحث عن حلول جذرية للأزمة، حيث أقحمت المؤسسة العمومية “أغروديف” بجانب مؤسسات عمومية أخرى ضمن سلسلة الحلول الاستعجالية من أجل إعادة ضبط السوق والتوزيع إلا أن هذه الإجراءات ما تزال بعيدة عن الترجمة في أرض الواقع وقد تأخذ المزيد من الوقت قبل استعادة التوازن داخل هذه السوق.

وعرفت أسعار البن في السوق الدولية اضطرابا كبيرا على صعيد الأسعار الشهرين الماضيين ما ألهب جبهة المستهلكين في جميع بلدان العالم، غير أن الدولة الجزائرية تدخلت بشكل مباشر وأقرت دعما للقهوة، تلته عملية تقنين سريعة على مستوى الأسعار بعدما بلغت أرقاما خيالية في السوق القانونية، تحملت فيها الخزينة العمومية أعباء الفارق، وهو التدخل الذي أماط اللثام عن مستوردين تلاعبوا بعملية الاستيراد لارتباط هذا النشاط بالعملة الصعبة مباشرة ما دفع زيتوني على وصف عدد من المتعاملين الأسبوع المنصرم من قسنطينة بـ “آخر قلاع الفساد في الجزائر”.

وتعدت انتقادات الرجل الأول في قطاع التجارة لتشمل أيضا عددا من جمعيات المستهلك لوحظ وفق تصريحات ذات المصدر انحيازها إلى صفوف المستوردين والدفاع عن مصالحهم، بدلا من الوقوف والدفاع عن الجبهة الاجتماعية العريضة للمستهلكين.

ومع تراجع عمليات الاستيراد الموكلة لمتعاملين خواص بسبب عدم رضاهم حول قرار التقنين، فإن اختفاء هذه المادة من رفوف المتاجر وسحبها من المساحات التجارية الكبرى في ظرف زمني قياسي خلّف زوبعة من النقاش والجدل أقرت في مجملها بوجود متربصين بـ “قوت المواطن” لا تزال أيديهم تطال المصلحة العامة وقادرة على ضربها، وأن الحرب ضد لوبيات الفساد التجاري لم تنته بعد وما تزال جبهاتها قابلة للاشتعال في أي لحظة.

وتعكس الزيادات المعتمدة لسعر كوب القهوة داخل المقاهي العامة واحدة من أوجه “حرب البن” التي يدفع المستهلك فاتورتها حتى اليوم بعيدا عن حضور الرقابة والمتابعة حيث بقي كوب القهوة الذي ارتفع سعره بداية الأزمة إلى 50دج في نفس الثمن حتى بعد تفعيل تقنين الأسعار.

ويزيد واقع الحال من متاعب الجهاز التنفيذي، لاسيما بعد إقرار رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة واحدة عدم تساهله مع حدوث أي ندرة أو سماعه بأي مضاربة مستقبلا تمس الحياة اليومية للمواطن، ما أدخل القطاعات الوزارية المعنية بـ “تنبيه” الرئاسة في سباق طوارئ من أجل ضبط أساسيات السوق، قبل تفجُر أزمة القهوة الحالية.

وتأتي أزمة البن بالتزامن أيضا مع انتقادات “حادة” طالت عمل الوزارة تحت قبة البرلمان بمناسبة عرض قانون الموازنة العامة بداية الأسبوع المنقضي تقاطع فيها نواب عن الأفلان وجبهة المستقبل وحركة البناء ومجتمع السلم حول اتهام وزارة التجارة وترقية الصادرات بالعجز في ضبط السوق الوطنية ووصف القائمين عليها بـ “رجل المطافئ” الذي يستجيب بعد اندلاع الحرائق بدلا من استباق نيرانها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.