
لا يعدو فوز رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم “الفاف” وزير الرياضة السيد وليد صادي بعهدة أولمبية ثانية أن يكون أكثر من محطة شحن “بطاريات” قبل خوض الاستحقاق الهام المنتظر الشهر الجاري على الصعيد القاري، وتعزيز فرص مرشح الجزائر في الفوز بعضوية المكتب التنفيذي للكنفدرالية الإفريقية ما يسمح بعودة الكرة الجزائرية مجددا وبكامل ثقلها داخل بيت الساحرة الإفريقية “الكاف” في أعقاب السنين العجاف من سياسة الكرسي الشاغر، تكالب فيها الفساد الرياضي والتآمر على تغييب صوت الجزائر ومحاولات النيل من سمعتها الكروية.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تضرب الدبلوماسية الرياضية في الجزائر موعدا هاما الشهر الجاري بمناسبة انتخابات عضوية المكتب التنفيذي لـ “الكاف” والتي يتقمص فيها مرشح الجزائر وليد صادي دور “الفارس” في سباق كسب رهان العودة الجزائرية إلى خبايا ودهاليز البيت الكروي الإفريقي بعد طول غياب أو “تغييب” متعمد جنى على الكرة الجزائرية الكثير من المتاعب والنكسات بداية بمؤامرة الإقصاء المر من عرس الدوحة الدولي مونديال 2022، وصولا إلى مهزلة قمصان الخريطة الوهمية التي أبعدت بطل إفريقيا والسوبر الإفريقي اتحاد العاصمة عن منصة التتويج الموسم الفارط، وغيرها الكثير من المحطات التي لعب فيها الفساد والتآمر دورا مفصليا في إدارة الشأن الكروي داخل القارة بعدما تحولت الكاف إلى جحر وجدت فيه “الفئران” ظالتها الكبرى.
ومع أن تركيز وزير الرياضة وليد صادي في خطته “الإصلاحية” جاء على دور الأكاديميات من منطلق التكوين وإبقاء الساحة الرياضية في الجزائر على صلة بتقديم وإبراز المواهب النادرة التي ستقول لاحقا كلمتها فوق المستطيل الأخضر بما يخدم المصالح الوطنية، ويعلي من شأن الحضور الكروي وسط مختلف المحافل والمنافسات. فإن ذلك لم يمنع مرشح الجزائر من فتح شهيته على عضوية المكتب التنفيذي للهيئة الكروية القارية الكاف لاكتمال “فرحة” الفوز بالعهدة الأولمبية الثانية الأسبوع المنصرم والاستمرار على رأس مبنى دالي ابراهيم حتى 2029.
وتقمص الرجل الأول في الاتحادية الجزائرية لكرة القدم “الفاف” وليد صادي دور الطبيب في تحرير “روشيتة” تحسين الوضع الصحي للكرة الجزائرية التي تألقت هذا الموسم أيضا على مستوى المدرجات، من حيث الإقبال الجماهيري الغفير والتفاعل الذي يصنعه “ألتراس” الأندية العريقة فوق المدرجات، وفي محيط الملاعب، وحتى داخل معاقل الأنصار وسط الأحياء الشعبية على نحو “العالمية”، أضحت أكبر الفضائيات الرياضية الدولية المتخصصة “تقتطف” لها مشاهدا حصرية من جمالية اللوحات التي أبدع المناصر الجزائري في تشكيلها عبر مختلف الملاعب الوطنية.
وبالعودة إلى معركة الكاف المرتقبة بحر الشهر الجاري بمصر، فيجد مرشح الجزائر دعما غير مسبوق للظفر بعضوية المكتب التنفيذي الذي لن يكون حسب أهداف الرجل الأول في دالي ابراهيم سوى “منفذا” تليه عودة الجزائر تدريجيا إلى الكاف والانتشار داخل مكاتبها وهيئاتها لضمان الحق الوطني المهضوم منذ رحيل الحاج راوراوة من الهيئة، وما أعقبه من خروج جميع الأسماء الجزائرية تواليا، إلى أن خلت الهيئة من التمثيل الوطني، بل وأصبحت مثار سخرية واستهتار في مناسبات انتخابية عديدة خرج منها مرشحو الجزائر صفر اليدين أمام منافسين مغمورين، ينتمون إلى بلدان لم ييزد حلم شعوبها متابعة “محاربي الصحراء” على الشاشات ومن على المدرجات، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب وتذيق منتخباتها الخضر المرارة المزدوجة في الخسارة، والإقصاء.
ويدعم حظوظ المترشح وليد صادي الإنزال الثقيل الذي عرفته قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا الشهر الفائت، وكيفية فوز الجزائر “الكاسح” بمنصب نائب رئيس مفوضية الأمن والسلم الإفريقي، وما تركه حضور رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون شخصيا أشغال القمة من انطباعات إيجابية وإشادات لافتة بالدور الجزائري كمدافع أول عن مصالح ومكانة القارة في كبرى محافل العالم.
ويأتي إنصاف المحكمة الرياضية الدولية “التاس” لنادي اتحاد العاصمة في قضية قمصان نادي نهضة بركان المغربي، أو ما يعرف بـ “الخريطة الوهمية” ليُعلي من شأن المبادئ والقيّم التي ناضلت الجزائر وكافحت في سبيل تجسيدها، ودفعت في ذلك ثمنا باهظا، بفعل تكالب واستشراء آلة الفساد والتآمر التي عششت في أروقة الكاف وقوضت مهمة تطوير الكرة الإفريقية نتيجة الشطحات والمناورات الدنيئة التي انبرى لها أشخاص معروفون بصفقات الشراء والبيع تحت الطاولة مثلما يكشفه تاريخهم الطويل في التآمر والرشاوى، أحد جوانبه اتضح جليا في إقصاء الجزائر والسنغال ونيجيريا من تنظيم دورتي 2025/2027 لتنظيم كأس الأمم الإفريقية لصالح بلدان اتضح لاحقا أنها لم تجهز بعد للتنظيم، ورغم دحرجة الموعد الرسمي سنة إضافية إلى الأمام، فإن مؤشرات عدم الجاهزية تبقى الثابت الوحيد في عدم احتضان أكبر عرس رياضي إفريقي، اتضح كذلك أنه لم يتم حرمان الجزائر من شرف تنظيمه فقط، وإنما حرمان القارة وبقية العالم من رؤية نسخة عالمية لنجوم الكرة السمراء فوق ملاعب “مانديلا” و”علي عماري” و”مولود هدفي” و”حسين آيت احمد” وغيرها من الملاعب “التحفة” التي أنجزها البلد القارة الجزائر بسواعد أبنائه وإطاراته على أرض الواقع، وليس عبر “التلوينات” المجانية في عالم المواقع.
ويُنتظر من الموعد الانتخابي الذي تحتضنه مصر الأيام القليلة القادمة أن يكون بداية تصحيح للمسار الكروي القاري ككل، وفاتحة عهد جديد تدشنه الدبلوماسية الرياضية الجزائرية تأسيا بنشاط نظيرتها في المجال السياسي والطاقوي، ومنه إعلاء صوت الجزائر في عالم المستديرة مجددا على وقع المزيد من الانتصارات وتشريف الراية الوطنية في أكبر المواعيد القارية تتويجا، وتنظيما.