مشـــــــاريع بــــــــــاتنة.. إرادة بيضاء وواقع أسود!!
بعضها يعاني التوقف وبعضها حبيس التقصير
تُعطي وقفة الولاة الثلاثة في باتنة، وأم البواقي، وميلة على “فضيحة” تماطل المؤسسات المكلفة بإنجاز الطريق المزدوج الرابط بين باتنة والطريق السيّار شرق غرب وضربها عرض الحائط اتفاقيات وتعهدات التزمت بها هذه المؤسسات أول الأمر، دون أن تلتزم بتنفيذها في الميدان، ما وضع السلطات المحلية في هذه الولايات في موضع حرج كبير وموضع غضب شديد كذلك.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصطدم إرادة السلطات في ولاية باتنة بحقائق تكشف يوما بعد آخر عن مدى تصلب واقع الولاية ورفضه الاستجابة لرياح التغيير، رغم ما يبديه المسؤولون من نوايا حسنة ورغبة شديدة في تغيير وجه التنمية المحلية، تعقبها في كل مرة ممارسات متحجرة بجانب “ذهنيات” تأبى السماح لقطار التنمية في الولاية بالإقلاع الصحيح والسريع.
وعانت ولاية باتنة على نحو خاص من “تراكمات” طالت أغلب القطاعات مما أبقى وتيرة التنمية بعاصمة الأوراس على سابق عهدها من حيث سيرها البطيء وتراجعها أحيانا، وهو التراجع الذي انجر عنه تململ و”سخط” وسط القاطنة، وكذلك داخل مكاتب الجهاز التنفيذي، أحد مظاهر هذا الامتعاض الشديد أبداه الرجل الأول في الولاية السيد محمد بن مالك وهو يقف رفقة زميليه في أم البواقي وميلة على “نكسة” جديدة في قطاع الأشغال العمومية بعدما تأكد بشكل قطعي تأجيل ربط باتنة بالطريق السيّار مجددا، وأن المؤسسات التي وقفت على تنفيذ المشروع أخلفت وعدها في تسليم شطر باتنة شهر سبتمبر الماضي، ثم نهاية السنة الحالية، ثم دحرجته إلى شهر مارس المقبل، ما يعني أن موعد التسليم دخل فعليا “عالم الغيب”!
وأشعل تأجيل موعد استلام طريق وصل باتنة بالطريق السيار شرق غرب لثالث مرة تواليا ثورة غضب كبيرة لدى سلطات الولاية، قياسا بما أحاط هذا المشروع من التزامات وتعهدات ودراسات تمت على مرأى ومسمع من وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية السيد لخضر رخروخ خلال آخر زيارة قادته إلى عاصمة الأوراس شهر مارس الماضي، أبدى فيها الوزير تعاطفا جليا وهو يقف على نقائص قطاعه بالولاية، مما دعاه إلى التعويض على ذلك من خلال دعمه اللا مشروط لمشروع ربط الولاية بالطريق السيار شرق غرب مع نهاية السنة الجارية، قبل أن يستفيق الجميع على خبر التأجيل مجددا نهاية الأسبوع المنصرم، وسقوط تعليمات الوزير في الماء، أمام حالة التماطل والتقصير التي تعرفها وتيرة الإنجاز، والتي ظلت تراوح مربعها الأول في بعض المقاطع، خاصة في شطرها بولاية ميلة، في الوقت الذي يكون خبر التأخير قد أفسد على السلطات في باتنة رغبتها في زف خبر استلام شطر الولاية في موعده المبرم قبل نهاية 2024 كـ “هدية” احتفال بأعياد رأس السنة الجديدة لمواطني الولاية.
ومع أن شركة الإنجاز قدّمت تعديلات جديدة كليا بخصوص آجال انتهاء الأشغال، أقلها تسليم شطر باتنة بعد 120 يوم من الآن، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة استفادة الولاية عمليا من المشروع في حالة الالتزام بالموعد، لكون هذا الشريان لا يعتبر ساريا سوى باكتمال أشطره الثلاثة في الولايات الثلاثة معا، ما يعني أن باتنة ستنتظر تحت “الإكراه” إلى غاية شهر جوان القادم على أقل تقدير من أجل أن “تحتفل” بإنجاز 22 كم تجسد حصتها في المشروع، وهو أمر يدفع على الغرابة والحيرة؟
ولا تقتصر متاعب السلطات في باتنة على تأخر ربط الولاية بالطريق السيّار شرق غرب فحسب، حيث يراوح “مشروع القرن” الآخر الذي يربط الولاية بجارتها الجنوبية خنشلة مكانه، وتراجع وتيرة الأشغال وتوقفها أيضا دون مبررات، بعد اللغط الكبير الذي أحدثه التفاوت في سير المشروع واكتمال حصة ولاية خنشلة من الطريق المزدوج مع زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى الولاية نهاية أفريل الماضي، وإشرافه شخصيا على تدشين المقطع الذي يصل حدود ولاية خنشلة بباتنة على مسافة 14 كم، في الوقت الذي تقف فيه باتنة عاجزة عن إتمام حصتها من المشروع، ما انعكس سلبا على وظيفة هذا الطريق المزدوج والذي يستعيد كافة مظاهره السلبية القديمة في الاكتظاظ وحتى في حوادث المرور بمجرد تخطي لافتة الترحيب التي ترفعها ولاية باتنة عند حدودها الإقليمية بـ “بولفرايس” في بلدية أولاد فاضل على الطريق الوطني رقم 88.
ويسيء تماطل ورشات الإنجاز في قطاعات عديدة إلى تعهدات السلطات المحلية في مسعى النهوض بواقع التنمية المحلي، ونقله إلى مستويات أفضل، حيث تقفز إلى السطح في هذا الشأن أشغال ربط أخرى تتعلق بقطاع الري بعد تجديد القناة الرئيسية الواصلة بين سد “بني هارون” في ميلة بنظيره سد “كدية لمدور” في تيمقاد والتي لا تزال جارية حتى اليوم رغم الأغلفة المالية المرصودة للمشروع ناطحت 3000 مليار سنتيم، ومع ذلك يبقى ضخ مياه بني هارون في كدية لمدور مجرد “أمنيات” تقف في طابور الانتظار، وهو الطابور ذاته الذي يجبر عاصمة الأوراس على الترقب شهورا أخرى قبل أن يتنفس قطاع النقل في الولاية “هواء” الطريق السيار شرق غرب، رغم ما تضخه الولاية في حساب الخزينة العمومية من عائدات معتبرة على صعيدي الصناعة والفلاحة أحوج ما تكون إليه مدها بشريان النقل وشبكة طرقات داخلية وخارجية لائقة تترجم سقف التطلعات التي تنام عليها عاصمة الأوراس، بعيدا عن “تلكؤ” مؤسسات الإنجاز في نقل تلك المشاريع من لفائف الورق إلى واقع الميدان.