
ما إن يبدأ اليأس يتسلل إلى قلوب الجزائريين بسبب شح الأمطار وتذبذب سقوطها وحالة الجفاف التي تعم البلاد بين موسم وآخر، حتى تهل الرحمة الإلهية بإنزالات الخير التي سُجّلت بالتقريب في جميع ولايات الوطن، وقد انعكس بالإيجاب على الأراضي العطشى والحقول والبساتين وأحيت أمل الفلاحين في موسم زاخر وناجح بحول الله وقدرته..
وما يمكن التشديد عليه عند كل تساقط هو ما تشهده الشوارع والأحياء من سيول تتفوق على البالوعات المحدودة المنتشرة والتي لا ترقى أبدا إلى المقاييس المعمول بها على المستوى الدولي وخاصة الدول التي تحاول الاستفادة إلى أقصى حد من تساقط الأمطار وذلك بجمعها وتوجيهها إلى الخزانات والسدود عن طريق المصارف المائية وبالوعات الشوارع والأحياء، وهو ما نفتقر إليه للأسف رغم أن المشكلة قائمة منذ سنوات طويلة ومطروحة وقد ساهم انعدام البالوعات أو رداءتها في خلق أزمات عادة ما تتزامن مع الهطول المحتشم للأمطار ناهيك في حال استمراره لأيام وبغزارة كافية لتنقلب النِّعم إلى كوارث الفيضانات والسيول وتعريض الناس والحيوانات والممتلكات لمخاطر كبيرة قد تصل إلى الموت وخسائر بفواتير ضخمة، كان بالإمكان تفاديها في حال توجّهت الدولة الجزائرية بجميع مصالحها المعنية وهيئاتها إلى بعث مشاريع كبرى والمراهنة على استحداث مجاري وبالوعات ومصاريف تُشرف على إنشائها شركات مختصة تعمل على تطوير هذا المجال وتستفيد من التجار التي أثبتت نجاحها ميدانيا سواء من حيث التطوير والاستعداد لاحتواء الكوارث وتجنيب البلاد الوقوع فيها من خلال الوقاية بالاعتماد على البنى التحتية وكل الإجراءات الاستباقية للتعامل مع آثار التقلبات الجوية المفاجئة بما يُبعد الأضرار عن البلاد والعباد، وهذا للأسف ما نواجهه عند كل تساقط خاصة وأن الاعتماد على حملات تنظيف البالوعات ومجاري الوديان ورفع القمامة يُعتبر غير كاف مقارنة مع التداعيات المُصاحبة لتساقط الأمطار وقد بات لزاما على الجزائر إنشاء بالوعات واسعة وكبيرة والحد من ظاهرة سدها عند تجديد الطرقات أو إصلاحها أو غير ذلك من المشاريع التي تقف وراء كوارث وأزمات سوء التسيير وانعدام التقدير واستشراف مستقبل الطبيعة وتقلباتها غير المحتملة.
سماح خميلي