
الاستثمار في توعية المجتمع ونشر الوعي عموما هو من أكثر الاستثمارات الناجحة التي ستؤتي أكلها ولو بعد حين وليس علينا أن تستعجل النتائج أو نيأس من ردود الأفعال والتفاعلات فقد يكون الوقت كفيل بأن يصحح بعض المفاهيم ويوجه ويُعدّل الذهنيات وفق ما يقتضيه الصالح العام هذا الذي يخدمه الجميع بينما الجميع ينتهك مُقتضياته بوعي أو دون وعي، لهذا فإن اللامبالاة وعدم الاكتراث والاهتمام بما يحدث من حولنا من باب “تَخْطِي راسي” هو بمثابة مشاركة في أي فعل أو سلوك أو قول مرفوض حيث يتحول “الصمت” أو السكون إلى حركة لا إرادية تعمل على دعم الخطأ على الرغم من وجود رفض داخلي يبقى مُراوحا لمحله دون الانتقال إلى الفعل الإيجابي المطلوب، وقد يُعلل البعض هذه السلبية بكونهم في غنى عن المشاكل وأن المجتمع لا يرحم وأن الانحرافات والمنحرفين فرضوا سلطتهم وقوتهم والحال ما نعانيه من انتشار رهيب للانحلال الأخلاقي مناف تماما للمظاهر الملتزمة الطاغية على الأفراد في الفترة الأخيرة فلا يتطابق السلوك مع المظهر وهذا ما يشوه الكثير من المبادئ والمفاهيم التي يُفترض أن لا خلاف فيها..
لهذا فإن الالتزام بالمواقف السلبية دون محاولات التغيير سبب في تفشي الكثير من الظواهر التي بدأت من أمور كانت تبدو غير ذات أهمية أو تأثير إلى أن تضخمت وانتقلت إلى مستوى إحداث الضرر على تنوع هذا الأخير وعمق تأثيراته..
ودخول المجتمع الجزائري وهذا مما يؤسف له مرحلة “الجمود” إلى درجة أنه قد يتعرض مواطن للاعتداء والسرقة والضرب ومحاولة القتل على مرأى من المارة دون أن يجد من “يفزع” لنجدته ومساعدته فهذا يوحي بأننا وصلنا مرحلة متقدمة من اللاوعي والسلبية، إذ كثيرا ما بتنا نسمع عن جرائم في “وضح النهار” وهذا دليل على “تفرعن” المجرمين والمنحرفين لعلمهم المسبق بأن لا أحد يتدخل “فيما لا يعنيه” في حين أننا جميعا معنيون ما دمنا سنلقى نفس المصير إلا إذا بادرنا للمساعدة وإيقاف المجرمين وتوقيفهم ليتسع “الوعي” إلى غير ذلك من المشاكل والمواقف والأزمات فلا نسمح بأيّ سلوك مناف للدين والمبادئ والعادات والتقاليد وللحضارة والتحضر الذي يبدو أننا بعيدون عنه بمقدار ما نشهده من حاويات محروقة ومكسورة ومن رمي للنفايات ومن كلام فاحش في البيوت والشوارع ومن تهاون في أداء المسؤوليات والمهام ومن غش ومن كل ما يعطل مسيرة التغيير والمضي نحو جزائر جزائرية أصالة ووعيا.
سماح خميلي