
مخطط تهجير الفلسطينيين.. “نكبة ثانية” يسعى لتنفيذها ترامب
يبدوا أن ترامب ومنذ عودته للسدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية، يسعى لأن يثبت وصايته على كل دول العالم وكأنه انتخب ليكون رئيسا للقارات وليس لبلاده فقط، فعلى الرغم من كونه قام بعمل مميز نتج عنه وقف إطلاق النار في غزة والذي يعود له الفضل الكبير في تنفيذه على شروط حماس التي وضعتها منذ عدة أشهر ولم توافق عليها حكومة الكيان الصهيو-نازي من قبل، إلا أنه تمادى في تدخلاته ومداخلته في القضية الفلسطينية بعد أن أكد عزمه على ترحيل الغزاويين إلى مصر والأردن، ليمنح إسرائيل أراضي جديدة ويحكم على الفلسطينيين بنكبة ثانية قد تكون أقسى من الأولى.
رضوان غضبان ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــ
“فإن قرار ترامب يأتي بالدرجة الأولى منقذا لإسرائيل، في حين يهدف صراحة وعلانية إلى النكبة الثانية”
ــــــــــــــــــــ
“قرار التهجير الذي نطق به ترامب لاقى على الفور رفضا قاطعا من الرئيس المصري وملك الأردن، ليلحق بالردين رد مجموعة السداسي العربي، والتي خلص اجتماعها إلا رفض قاطع، نهائي وتام لمخطط التهجير”
ـــــــــــــــــــ
“أن خطة التهجير تهدف أساسا لإشعال حرب شاملة تسمح لإسرائيل مرة أخرى بانتهاك كل القوانين والنظم والأعراف الدولية مثلما فعلت بل وبأكثر وحشية بحجة”
ـــــــــــــــــــ
نكبة حكومة نتنياهو يسعى لتعوضها ترامب
تبين جليا نكبة حكومة نتنياهو في تسير معركة طوفان الأقصى، وقبلها في تسير الأوضاع الداخلية للكيان حيث أنه وقبيل الطوفان بأشهر كانت تعيش على صفيح ساخن مع النقابات والشعب الذين طالبوا بتعجيل رحيلها، لكنها استغلت حالة الحرب لتطيل في عمرها واستغلتها لتبرز جانبها النازي عندما أحرقت الأخضر واليابس في هلوكست لن ينساه التاريخ الإنساني وفي جرائم حرب لن تسقط بالتقادم، ولكن صمود المقاومة جعلها تظهر للعالم على حقيقتها المتوحشة وتظهر العالم على حقيقته خصوصا بعد “الفيطو” الأمريكي اللامشروط الذي حمى نتياهو وعصبته حتى آخر رمق وفي كل الظروف، إلى أن جاءت لحظة انتصار ترامب ليعود لسدة الحكم مشيرا لضرورة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن قبل يوم تنصيبه وهو الأمر الذي نفذه حمله الوديع نتنياهو راكعا على ركبتيه أمام شروط رجال “حماس”، الصفقة التي أرجعت حالة الغليان من جديد في حكومة الكيان والتي رآها معارضون وعسكريون إسرائليون على أنها “نكبة” لدولتهم المزعومة ما أجج الوضع الداخلي في أروقة السياسة الإسرائيلية، وهنا جاء دور ترامب من جديد لينقذ نتنياهو مرة أخرى بقرار أكد به أن الكيان الصهيوني ماهو إلا “عروسة ماريونات” في يد دولة العم سام، حيث صرح بضرورة ترحيل الغزيين من أجل إعادة الإعمار، في قصة مشابهة ومماثلة للتهجير الأول في النكبة.
وحسب خبراء ومختصين فإن قرار ترامب يأتي بالدرجة الأولى منقذا لإسرائيل، في حين يهدف صراحة وعلانية إلى النكبة الثانية في حق مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين قرر ترحيلهم وإبعادهم عن ديارهم قصرا وأي ديار أبعدوا عنها وهم في الأساس كانوا يعيشون في سجن مفتوح في قطاع غزة، لكن سجن الوطن أهون عند الأحرار من قصور الشتات.
رفض عربي لمقررات التهجير.. وترامب “سيفعلون”
قرار التهجير الذي نطق به ترامب لاقى على الفور رفضا قاطعا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، واللذان كان موقفهما ثابتا وحازما في رفض قرار التهجير، فمصر رفضت مقترح القرار حتى مع اندلاع ثورة “طوفان الأقصى” حين أراد الجيش الصهيونازي ترحيل المدنيين إلى صحراء سيناء مشيرا أن الترحيل لن يتجاوز الثلاث سنوات ليتم القضاء حسبهم على حماس وإعادة إعمار القطاع ومن ثم إعادة الأهالي، ولكن الرئيس المصري حينها رد في أحد المؤتمرات: “أن مصر لم ولن ترفض الأشقاء العرب وأن بلاده تحوي حوالي عشرة ملايين لاجئ من مختلف الدول العربية والإفريقية ولكنها لن ترضى بهذا المخطط لأنها تدرك تماما مخططات الكيان وأنه يخفي عكس ما يظهر وأن المخطط الأساسي هو الاستلاء على غزة وضمها لأراضيه المزعومة”، ليتم بعدها استبعاد هذا الطرح خصوصا بعد الرفض القاطع للجانبين الأردني والمصري.
لكن ترامب الذي يرى نفسه وصيا على العالم قرر في مكان الزعيمين العربيين لربما لكونه لم يتوقع أن يتلقى الرفض بتلك الطريقة المشينة التي قد تقوض من قوة كلمته الدبلوماسية في العالم، ليلحق بالردين رد مجموعة السداسي العربي أمس الأول والتي تضم إضافة إلى الأردن ومصر كل من السعودية وقطر والإمارات وفلسطين، والتي خلص اجتماعها إلا رفض قاطع، نهائي وتام لمخطط التهجير بحق الفلسطينيين، مشددين على تأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها، من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات.
وعلى الرغم من هذه الردود القاطعة إلا أن عجرفة ترامب لم تنتهي حيث قال حرفيا أثناء سؤاله من قبل صحفيين أمريكيين عن حالة رفض القرار من الجانبين المصري والأردني: “نقدم لهم الكثير وسيفعلون، سيفعلون ذلك” أو بعبارة أخرى أنهم سيقبلون المقترح طوعا أوكرها.
لكن وخلال اتصال هاتفي جرى بين الرئيسين الأمريكي والمصري والذي تبادلا فيه وجهات نظر متعددة بين البلدين والذي جرى قبل حوالي ثلاثة أيام لم يذكر بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن المناقشة طرحت فكرة التهجير، وعلى ما يبدوا أن الزعيمين تحدثا في أمور عدة إلا أن ملف التهجير لم يكن في أجنة هذه المحادثة.
ألبانيا وجهة ترامب الاحتياطية لتهجير الغزيين
وبعد كل هذه المواقف العربية يبدوا أن ترامب وجد نفسه في أزمة صنعها بيديه، ومثلما فعل المخططون الأوائل لقيام الكيان الإسرائيلي وجمع اليهود من الشتات في القرن التاسع عشر حين إقترحوا عدة دول كالأرجتين لتكون الأراضي الصهيونية عليها إلا أن خلصوا إلى كذبة أرض الميعاد ببيت المقدس لتنفيذ مخططاتهم، يفعل الأحفاد الصهاينة ومناصروهم على شاكلة ترامب، فقد قاموا بإشاعة أن الترحيل والتهجير سيمس أزيد من مائة ألف فلسطيني من سكان قطاع غزة نحو دولة ألبانيا، إلا أن الرد الألباني كان حازما هو الآخر حيث أنه وبمجرد صدور الإشاعات خرج رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما مصرحا: “الاحترام الكامل والتضامن مع شعب غزة، لكن دعوني أكون واضحا لم يطلب أحد من ألبانيا، ولا يمكننا حتى التفكير في تحمل أي مسؤولية من هذا القبيل”، لتطرح الصحافة الصهونية دولة رابعة وهي إندونيسيا لتنفيذ هذا المقترح الخبيث، في رحلة بعث عن تيه لأبناء الحجارة الذين تجرعوا منهم ذل الهزيمة مرات ومرات، وبهذا الرفض يجد ترامب نفسه أمام دوامة لا تنتهي وقرارات حكم عليها بالفشل لتسقط من حظوظه ومواقفه الدبلوماسية.
التهجير.. خطة لحرب شاملة على قطاع غزة
ويرى متابعون للشأن الفلسطيني أن خطة التهجير تهدف أساسا لإشعال حرب شاملة تسمح لإسرائيل مرة أخرى بانتهاك كل القوانين والنظم والأعراف الدولية مثلما فعلت بل وبأكثر وحشية بحجة أنها تقاتل ضد المقاومة وأن كل من تبقى عسكريون وأن المدنيين قد تم تهجيرهم، فتنفذ حربا تقضي بها على معقل المقاومة ومدرسة الحرية وأوراس فلسطين مدينة غزة، وتمسح الخيبة التي لحقتها من الطوفان الذي لم تحقق منه أي هدف عسكري من الأهداف التي أعلنتها مع بداية الحرب، بل أنها لم تعلم حتى بقتل قادة كتائب القسام الذين سقطوا شهداء في ميدان الشرف مقبلين غير مدبرين إلا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وجنحت القوات للهدنة وبتصريح من قبل أبو عبيدة المتحدث العسكري لكتائب القسام، وفيما يخص الأنفاق فقد صرحت وسائل رسمية وعسكريون صهيو-نازيون من جيش الاحتلال أنه من المرجح أنهم دمروا فقط حوالي 10 بالمائة منها في شبكة تقدر بقرابة الستة مائة كلم تحت قطاع غزة.
ومن هنا نتأكد من أن الجيش الإسرائيلي الذي تغنى بقبته الحديدية وبمخابراته التي جعلها كالشبح الذي يحوم في كل مكان قد مني بهزيمة عسكرية نكراء، حاول تعويضها بقتل المدنيين الأبرياء، حيث قتل حوالي الخمسين ألف مدني منهم نساء وأطفال وشيوخ وهدم المستشفيات والمباني دون أن يجد لجنود القسام فيها من أثر وفي ظل صمت أممي تام، ليفشل في هذا المخطط أيضا، فلم يجد أمامه إلا خطة ترامب ليعود مرة أخرى لتلطيخ يديه بدماء الأبرياء في أرض لن تكون له طال الزمان أم قصر.
ومن جانب آخر، فإن ترامب الذي اصطدم برد حاسم من الدول العربية التي كان يرى نفسه وصيا عليها، ويعلم جيدا صلابة أهل غزة التي صنعت ملحمة الطوفان وبعدها مشهدية العودة لشمال القطاع في صور تقول سنبقى ما تبقى التين والزيتون على هذه الأرض، وسنحيى بمبدأ يد تحمل بندقية الثائر وأخرى تحمل غصن الزيتون وسنبني ونمر مهما خربتم ودمرتم، سيجد نفسه أمام قرارين لا ثالث لهما إما التخلي عن فكرة القرار بما يجعله يظهر بثوب البطل الذي آلمه أن يرحل الفسلطنيون من مبانيهم وهو قرار قد لا يستسيغه، وبين تطبيق قراره ولو بأعداد قليلة وحتميا على أول دولة ترضخ له، لكنه لم يعلم أن أصحاب المفاتيح سيعودون يوما لا محال.