محاكمة عادلة للباي على عتبات مشهدية أُفول تاريخية في رواية “زهرة الرمال” لـ “إلهام بورابة”
ستكون حاضرة بـ "سيلا 2024" عن دار ومضة للنشر والتوزيع
أصدرت الكاتبة “إلهام بورابة” مؤخرا مولودها الأدبي الجديد “زهرة الرمال”، وهي رواية بنيت حبكتها حول “مشهد مقتل امرأة تدعى زهرة بطريقة قاسية جدا عبر رميها من على هاوية ذات ارتفاع عال جدا، وهي الطريقة التي كان باي قسنطينة (أحمد باي) يقضي بها على الخارجين عنه والمهددين لأمن البلد، لكن أن تزهق روح أنثى جميلة جدا وفي ريعان شبابها هكذا وبسبب لا يتعلّق بأي شأن يمسّ أمن الوطن، استدعى أسئلة تصوّرتها الرواية عادلة لمحاكمة الباي الذي اشتهر بحنكته وحلمه وعدالته وتديّنه، وفوق هذا كان شاعرا من مقام شعرية الأمير عبد القادر، وأكثر دهشة من هذا كله هو حبّه لزهرة التي استقدمها من روسيا لتكون من فضليات نساء قصره وأعزهن عليه وبمرتبة ابنته فاطمة، فما حقيقة ما حدث يا ترى؟ أو ما مصير أحجية لا توثيق علمي لها كانت تروى في بيوت الحارات؟”، وهو ما تعمد له الرواية التي رأت النور مع “دار ومضة للنشر والتوزيع” وعبر 75 صفحة ترى المؤلفة أنها كانت كافية ومنجية للحاجات التي تلبيها وتشبعها عند القارئ، لتفتح نسمات مخطوطها الذي يعتز بنفسه ليلفت إليه من يشعر ويحس به، فلا يخيب أمله، “بفضل ما يتيحه الخيال الأدبي للروائية بأن يحاكي قصص التاريخ بما يشبع فضول القارئ المحب لمثل هذا الحكي وإثارة عواطفه تجاه زهرة أو إلتماس العذر للباي أحمد الذي ضحى بحبّه بهذه الطريقة القاسية”.
وتسرد خريجة ليسانس علم النفس التربوي بجامعة قسنطينة عبر سطور المؤلف الذي لم يتجاوز الأسبوع في كتابته لا سيما وأن فكرته قديمة لم تتطلب سوى استجماع صور ذهنية عن كل الشخوص واستدباب الرواية في نفس بورابة بلا اضطراب ما جعلها تستحق زمنا من عمرها، حيث تقول الكاتبة التي حاورت مدينة قسنطينة كتابة وسردا لحكاياها ومناجاة لجسورها منذ الثمانينيات: “منذ طفولتي وهذه الحكاية تروى بين الجدات عن أحمد باي وكاف شكارة وفاطمة المدللة عند أبيها وعند ملكة بريطانيا، كانت حكايات مثل حلوى الحلقوم تحلو لنا ونحن صغارا فعندما صرت أكتب راودني طيف زهرة حتى مكنني الله من زمام ضفائرها واسترجاع عطرها”، وقد استندت هاوية القراءة والإطلاع على ما ينشره أصدقاؤها الكتاب من أدباء جزائريين لا سيما كتابات المرأة، في سرديتها التي على مذكرات أحمد باي ومذكرات خير الدين برباروس.
“أحداث جميلة كثيرة عاشتها زهرة مع الباي تحكيها الرواية وما بينها معارك ونضال الباي لأجل بايلك قسنطينة بحضور شخصيات عديدة عايشت كلّ ذلك معهما”، وبمساءلتها لشخصيات من التاريخ فإن ذلك يجعل من “زهرة الرمال”، بحسب كاتبتها، رواية تاريخية غير أنها لا تؤرّخ بل تتخيّل ما كان يحدث على هامش التاريخ الرسمي وكان الناس ينقصون فيه ويزيدون وفق شهيّتهم للحكي.
هذا وتعد “زهرة الرمال” رابع إصدارات ابنة قسنطينة في مجال الرواية والتي سردتها إلهام بورابة بتفرد اختص به قلمها بمحاكاة وقائع على هامش أحداث وشخصيات تاريخية، لتضرب موعدا لعشاق التميز والإبداع الراقي بحضورها في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر المزمع استهلاله الشهر المقبل، وذلك بعد روايات “قصر الصنوبر”، “اللون الأخضر” ورواية “حسبان فصوص من تاج كورونا”، عدا عن إبداعاتها المنوعة والتي نثرت عبقها في مجال الشعر والقصة، لتربت عليهم بألق يضاهي حنانها على أبنائها الأربعة، في انتظار نضج القادم مما ستجود به أنامل صاحبة الـ59 عاما ليصبح جاهزا للطباعة فتلامس به من جديد أفق الرواية والشعر بمجموعة نصوص وكذا مجموعة قصصية وقراءات في نصوص مبدعين.
رحمة. م