العمود

مجسم الكعبة ونظرية التطعيم

وجب الكلام

صادفنا الكثير من النشطاء وهم يتساءلون عبر مختلف الوسائط، بل وتساءل حتى أشخاص في محيطنا عن المغزى من الإصرار على وضع مجسم للكعبة المشرفة، أو تشكيلها ورسمها بمختلف التقنيات طيلة ثلاث سنوات وتعمد إقحامها ضمن نشاطات ما يسمى بموسم الرياض، وهنا ارتأينا أن نجيب بناء على بعض ما تلقيناه من تكوين في إطار تخصصنا كإعلاميين.

في الإعلام، هناك ما يسمى بنظرية التطعيم، وهذه النظرية تقوم على مبدأ التكرار لتخفيف المقاومة، وهي حقن تدريجي لعقول المتلقين بالمضامين والرسائل المراد تخفيف مقاومتها بشكل منتظم ومتوال، وهي شبيهة بعملية التطعيم أو التلقيح ضد مختلف الفيروسات، غير أن العملية فيما يتعلق بمضامين “موسم الرياض” مختلفة عن عملية التلقيح لاكتساب مناعة أقوى من حيث الجوهر، لأن موسم الرياض عبارة عن تطعيم لإنهاك مناعة المسلمين ومقاومتهم.

إن تطعيم عقول المتلقين بمشاهد أو بمضامين ورسائل غير متقبلة بصورة متكررة وبجرعات متفاوتة لهو طريقة فعالة لتخفيف المقاومة لهذه الرسائل أو تحطيمها كليا بهدف جعل الرسائل متقبلة في النهاية، بحيث يصبح الفرد الذي يبدي مقاومة تجاه سلوك ما يمس بالقيم شخصا بليدا، عديم الإحساس، وهذا على غرار عديد الظواهر التي كانت غير متقبلة في مجتمعات عدة فصارت مرحبا بها بفضل نظرية التطعيم التي طبقتها وسائل الإعلام.

موسم الرياض إذن، ليس مجرد مشروع ترفيهي، وليس مجرد برنامج فسق ومجون، بل هو مشروع الهدف منه تحطيم مقاومة المسلمين لعديد السلوكات، وهذا تمهيدا لحدث ما أو لأحداث ما، وبالتالي، فعرض مجسم الكعبة بالطريقة التي يعرض بها ليس صدفة، بل تمهيدا لفعل ما سيتم تنفيذه بعد التأكد من أن التطعيم قد نجح، وبعد التأكد من أن المسلمين صاروا “بلا إحساس”، وعلى الأرجح فإنه تطعيم لتحطيم مقاومة “التطبيع” وما يلحق التطبيع مع الكيان الصهيوني ومع قوى الشر والكيانات الشيطانية.

قد يعتبر الكثيرون كلامنا هذا مبالغا فيه، لكنها الحقيقة للأسف، فما يحدث بأرض الحرمين سيدفع كل كافر بنظرية المؤامرة لأن يؤمن بها، والجدير بالذكر أيضا، هو أن نظرية التطعيم تطبق أيضا من طرف الأنظمة السياسية للدفع بالشعوب إلى تقبل قرارات ما كانت لتتقبلها لو تم اتخاذها بشكل مفاجئ، ولهذا، فإن التطعيم في المملكة العربية السعودية بحقنة “موسم الرياض” كل عام لهو تطعيم سياسي وإعلامي وثقافي واجتماعي لتمييع المقدسات، وهدم المبادئ والقيم.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.