العمود

ما الذي ينقصنا؟!

لكل مقام مقال

منذ فترة طويلة والمواطن الجزائري يواجه أحوالا لا تتقدم به إلى الأمام بقدر ما ترجع به إلى الوراء “أميالا” من السنين المتعثرة، وفي الجزائر وحدها ربما نتأكد عاما بعد آخر (أن العام اللي يروح خير من اللي يجي) وهو ما اتفق أجدادنا على معايشته منذ آلاف السنين ليُوثَّق في هذا المثل المتداول الذي تحول إلى قاعدة شعبية عريضة تؤمن بهذا المبدأ بينما التضييقات وارتفاع الأسعار وتقلبات السوق تدعمه بشدة..

وقد توطّنت الأزمات وكثرة المشاكل والضربات الموجعة والخوف من كل ما هو قادم وتردي الأحوال المعيشية إلى مستويات أثّرت بشكل كبير في الملايين ممن فقدوا توازنهم الاجتماعي واستقرارهم المادي وراحتهم النفسية، وهم يواجهون يوميا تضييقا يمكن وصفه بالشامل حيث لم تُستثن أي جبهة لأخذ أنفاسهم وإقامة “هدنة” مفتوحة يمكن أن يستعيد من خلالها المواطن الجزائري ما تم استنزافه في “حربه” من أجل العيش الكريم وكرامته التي خسرت كل رهاناتها أمام الوعود العالقة والتصريحات المكذوبة والواقع الذي ينافي تماما ما يتم رصده من تقارير ليست ذات صلة بكل ما يعايشه..

وقد أخفقت الحكومة الجزائرية في كثير من القرارات والقوانين التي غاب عن المشرع الجزائري أن يراعي فيها جانب الانفتاح والتنافس والتشجيع على الاستثمار الفعلي بعيدا عن تعقيدات البيروقراطية ومن أين لك هذا التي تم تعميما على شعب يكسب أمواله بأعمال عادة ما تنضوي في “شُعبة” الأعمال الحرة الشاملة لكل نشاط وحرفة ومهنة قد لا تكون خاضعة للضرائب أو الالتزامات التي يضبطها القانون إلا أنها على العموم لا علاقة لها بالتهم التي باتت تُوزع جزافا من تبييض للأموال وما شابه لأصحاب الأموال غير معلومة المصدر بالنسبة للخزينة، في حين أن مصادرها الفعلية مشروعة وهي بحاجة فقط إلى تسويات وتسهيلات لفائدة المواطنين ولدعم نفقات الدولة وتمويلها من خلال إيجاد صيغة تُشجع على التصريح بالممتلكات والأموال بدلا من التهرب والخوف من مصادرتها، وهو ما لن يكون لصالح المواطن أو الدولة التي تحرص بترسانة من البرامج والمشاريع على تحسين الظروف المعيشية والمُضي تحت لواء مبدئها الاجتماعي الذي قامت عليه منذ الاستقلال والذي يستمد روحه من مخلفات “الاشتراكية”، إلا أن ما عليها من مؤاخذات دفعت الدول الاشتراكية نفسها للتخلي عن هذا النظام الذي أينعت بذور فنائه باكرا على غير المتوقع، وهو ما يحتم علينا اليوم ونحن نبني جزائرنا الجديدة بسواعد “الوطنيين” أن نتجاوزها وأن نُطوّع توجهاتنا لتكون في صالح أبناء الشعب ووفق ما تقتضيه التحولات الدولية من انفتاح وحريات اقتصادية  واستثمارات.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.