رغم موقف الجزائر الواضح حيال قضية الكاتب الفرانكو ـ جزائري بوعلام صنصال المعتقل حاليا بسبب تصريحاته الخطيرة السابقة التي تمُس وحدة الجزائر وسيادتها على ترابها، بعدما قال أن العديد من ولايات الغرب الجزائري هي أراضٍ تنتمي لدولة أخرى، إلا أن الموقف الفرنسي لا يزال يصف الوضع على أنه مساس بحرية الرأي والتعبير، وبعد تصريحات جون نويل بارو وزير الخارجية الفرنسية قبل يومين، تطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للأمر وناشد يوم أمس أمام سفراء بلده خلال اجتماعهم السنوي بقصر الإيليزيه لأجل إطلاق سراح صنصال، بل إنه أدلى بتصريحات تدخل في خانة التطاول ومن شأنها أن تأخذ العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية إلى منحىً آخر بعد اليوم، حيث أكد أن اعتقال هذا الكاتب أمر “لا يُشرف الجزائر”.
وبجانب تطرقه للكثير من المواضيع المحلية والإقليمية والدولية، قال ماكرون في تصريحاته حول قضية صنصال: “الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتشارك معها الكثير من الأطفال والكثير من القصص، تدخل في قصة لا تُشرفها، وتمنع رجلا مريضا من الحصول على العلاج، الأمر ليس على ما هو عليه”، وأضاف: “نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث الحكومة الجزائرية على إطلاق سراح بوعلام صنصال”، والأكيد أن كلاما كهذا يحمل مغالطات كثيرة، ذلك أن صنصال نُقل شهر ديسمبر الفارط إلى وحدة العناية المركز بمستشفى مصطفى باشا الجامعي في الجزائر العاصمة بحسب ما أكده المدير العام لدار “غاليمار” الفرنسية للنشر أنطوان غاليمار، ناهيك عن فرونسوا زيمراي مُحامي الكاتب الفرانكو-جزائري.
وإلى جانب ماكرون، كان وزير الخارجية الفرنسية جون نويل بارو قد تحدث حول هذه القضية وربطها بقضايا الرأي حين قال: “مثلما تعلمون، فرنسا مهتمة كثيرا بقضايا حرية التعبير وحرية الرأي، وترى أن الأسباب التي قادت السلطات الجزائرية التي دفعتها لسجن صنصال غير مُبررة”، وهو الكلام الذي يكمن ردُه بشكل صريح في خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الأخير حين قال حول الموضوع: “الجزائر قدمت الكثير من الشهداء، ليس ليأتي اليوم لص مجهول الهوية ليقول بأن نصف الجزائر كان تابعا لدولة أخرى”، ولذلك فمن غير المعقول أن يكون رد الجزائر على كلام كاتب يتطاول على السيادة الترابية لبلد كامل “غير مُبرر” مثلما يتحدث وزير الخارجية الفرنسي، ولا يُمكن أيضا أن يكون أمرا غير “مُشرف” مثلما تلفظ ماكرون، بل إن توظيف عبارات كهذه يدخل بشكل أو بآخر في خانة التطاول وهو ما من شأنه أن يأخذ العلاقات بين البلدين إلى وضع أسوأ بكثير في الفترة القادمة.
محمد بلقاسم