
مؤدوا أغنية “الأعراس” مستاؤون من تعدي حناجر الٱلة الإفتراضية على الفرق الموسيقية الأصيلة
مختصون يطالبون بفرض سلطة الضبط
تعتبر الأغنية الأوراسية عامة، والفلكلورية خاصة واحدة من أهم الأغاني التراثية العريقة الضاربة في عمق التاريخ، ومن أبرز مميزات الأغنية الأوراسية أنها تعالج مواضيع إجتماعية على شتى الأصعدة لاسيما التي تتغنى بشهامة الرجل والمرأة، ومع مرور الوقت باتت الأغنية الأوراسية الشاوية من الضروريات لإقامة الأفراح نظرا لألحانها الخفيفة التي تدخل الفرحة والبهجة، هذا وتزخر منطقة الأوراس بأصوات أقل مايقال عنها أنها “رائعة” فمعظم مغني الطابع الشاوي معروفين بجمال الصوت وقوته…
إعداد: سميحة عنصر ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تزخر منطقة الأوراس بكتاب كلمات وملحنين أبدعوا في تنظيم القصائد الغنائية وتلحينها جعلوا من الأغنية الشاوية الأوراسية من أهم الأغاني المسموعة في الوطن وحتى خارجه، وهذا التكامل الذي تعرفه هذه الأغنية من جمال الكلمات والألحان وروعة الأصوات أنتج مزيجا يتصدر الترندات يوما في الواقع وحتى على منصات التواصل الإجتماعي تزيد من شهرة الأغنية الشاوية الأوراسية وإنتشارها.
وبالرغم من كل ما تزخر به أغنية الأوراس الأشم سواء القديمة وحتى الحديثة، فهناك من إتخذ منها سبيلا للدخول إلى عالم الفن أو وسيلة للقمة العيش هذه الأخيرة التي حركت الفنانين الغيورين على الأغنية الشاوية والأوراسية مطالبين بضرورة توقيف كل من يستغلها لأغراض تتنافى مع الدور الحقيقي لهذه الأغنية كونها إرث ثقافي مهم عند أهل المنطقة لأنها وبإختصار تجسد تاريخ شعب بأبهى تجلياته كيف لا وهي من رافقت حتى المجاهدين لأعالي قمم جبال الأوراس عند مواجهتهم العدو لذا فالاغنية الشاوية الأوراسية تعتبر رمز من رموز الهوية لذا يتوجب على كل المعنيين العمل على حمايتها من الذين يحاولون المساس بجمال هذا الإرث العريق خاصة أن الكثير من الغيورين عليه قدموا تضحيات كثيرة لتتصدر الأغنية الأوراسية والشاوية هرم الأغاني في الجزائر مع مرور الزمن.
مراد عبد الصمد: “يجب تفعيل دور سلطة الضبط لإرجاع وزن ومكانة الأغنية الأوراسية”
أكد “مراد عبد الصمد” أستاذ بالمعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة لـ “الأوراس نيوز” أن أبرز ما يشد إنتباه متصفحي مواقع التواصل الإجتماعي الإنتشار المفرط لمغني “الأعراس” دون الخضوع لأي ضوابط سواء يمتلكون الموهبة والصوت الجميل أو لا، إلا أن من يعتمدون على محسنات الصوت هم الأكثر إنتشارا لأنهم إختزلوا دور الفرقة الموسيقية في ٱلة واحدة ليكون “العرس” عبارة عن إزعاج ونشاز دون توقف، الأمر الذي وصفه بأنه “مخزي” وتعدي على جمال الأغنية لأن المغني يجب أن يتمتع أولا بالموهبة وجمال الصوت وهذا مفقود عند الأغلبية من مغني “الأعراس” اليوم المنتشرين بكثرة، وأن يغني بوجود فرقة موسيقية حتى يستمتع الحاضرون بكل ما يقدم من أغاني بصوت نقي وأغنية واضحة.
وأضاف ذات المتحدث أن أغنية الأعراس اليوم باتت بمثابة العتبة للعبور نحو الشهرة والدخول إلى عالم الفن لمن أراد الإستمرار والذهاب بعيدا في عالم غناء أما من أراد غير ذلك سيبقى مجرد مغني “أعراس” لأن أغنية الأعراس صنعت الأمجاد ويجب الحفاظ عليها لتبقى في نفس النسق لذا فاليوم من الضروري جدا تفعيل دور سلطة الضبط لإعادة وزن ومكانة الأغنية الأوراسية الشاوية، كما بات من واجب الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الثقافة التدخل لضبط كل مايروج له عبر مواقع التواصل على أنه فن لإعادة هبة ومكانة الفنان الحقيقي.
ثروان قندوز: “الأغنية الفلكلورية موروث نهضته بأيدي المسوقين وأصحاب الحنجرة المحلية التراثية “
أما “قندوز ثروان” كاتب، وملحن، ومغني وكذا عازف على ٱلة الكمان بالمعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بباتنة فقد أكد من خلال إتصال مع جريدة “الأوراس نيوز” أن الأغنيه التراثية “بخير” وستظل بخير من خلال الإشهار والتسويق لها ليس في “الأعراس” والأفراح فقط ولكن في جميع المناسبات خاصة أن في الأغنية الفلكلورية أو التراثية توجد العديد من أغاني ثوريه وأغاني التي تعبر عن حنان الأم أو عن حكايات غرامية لذا لايجب أن تنحصر في الأعراس والمناسبات العائلية فقط، ولكن لابد من إظهارها في صورة أخرى لتوريث الموسيقى المحلية، مؤكدا لو تم التسويق للفن الشاوي أو الفلكلور “العراسي” بين قوسين يكون هناك نهضة فالموسيقى الشاوية والفلكلورية.
وأشار ذات المتحدث أن الفنان يجب أن يجد لنفسه نقطة إنطلاق سواء من الأعراس أو من مركز ثقافي او من غيرهما، المهم أن تكون الكلمات مفهومة تليق بمنطقتنا إن أردنا إعادة مكانة وبريق الأغنية الأوراسية، معرجا عن سبب استمرارية الأغنية التراثية القديمة وبقائها في الصدارة كون الاغاني القديمة تعتمد على الصدق في المعاني، لأن الاغنيه الشاوية من أوائل الرسائل التي كانت موجودة على المستوى العالمي من خلال عيسي الجرموني الذي كان السباق إلى العالمية من خلال حفل الاولمبيا لذا من العيب أن لا يكمل فنانو المنطقة الرسالة التي جاء بيها الجرموني.
يوسف يحياوي: “نحن نعيش زمن الإنفلات الفني والأغنية الفلكلورية تم إستهلاكها بطريقة بشعة دون تقديم أي إضافة”
وقال “يوسف يحياوي” فنان الأغنية الشاوية وباحث في التراث ومختص في الموروث الشعبي الأوراسي من خلال حديث له مع يومية “الأوراس نيوز” في الحقيقة قمنا بإستهلاك الفلكلور والموروث الثقافي الشعبي إستهلاك بشع دون تقديم أي إضافة لهذا الموروث الذي يعتبر بمثابة هوية بالرغم من إمكانية تقديم إظافات أحسن تزيد من جمالية هذا الموروث وعلى جميع المستويات سواء على المستوى الإيقاع، أو الكلمات والألحان وحتى على مستوى التوزيع وغيرها، ومن هنا يتوجب على الجميع المهتمين بالأغنية الأصيلة الفلكلورية مطالبة الجهات المعنية بضرورة إنجاز مؤسسات تعنى بالإنتاج الموسيقي على غرار مختلف الفنون الأخرى.
مضيفا في نفس السياق، أن ضرورة إنجاز مؤسسات تعنى بالإنتاج الموسيقي راجع أساسا لأن الخواص يسير وفق مصالحه المادية أين يفضل إعطاء فرص للمؤثرين في مواقع التواصل الإفنراضية وذلك على حساب الفنان حقيقي الذي إجتهد لصناعة إسمه الفني وذلك لأن للمؤثرين يمتلكون صفحات لها مشاهدات بالٱلاف وربما بالملايين، ومن هنا نتأكد بأننا نعيش زمن الإنفلات من حصن الذات الثقافية ولإعادتها يجب وضع نقابة لممارسة دورها في الرقابة وضبط الذوق العام لأن الجهات المعنية ربما دورها المساهمة في الإنتاج لا أكثر.
عبد الصمد محمد رضا: “يجب تكاتف الجهود لتشجيع الإحترافية الفنية ووضع حد للرداءة”
كما أكد “عبد الصمد محمد رضا” منظم أعراس ومهتم بالشأن الفني المحلي للأوراس نيوز أن عمل منظم أعراس بات منقسم إلى قسمين الأول يطلب من منظمي الأعراس توفير فنانين مع فرقة موسيقية متكاملة وهنا يمكن القول أن”العرس” سيكون فيه جزء كبير من المتعة وإعطاء مساحة أكبر للفنان للغناء بطريقة صحيحة بالتوازي مع الفرقة، أما القسم الٱخر فيطلب فنان مع ٱلة أو ٱلتين على الأكثر ليكون بذلك العرس بعيد كل البعد عن المتعة لينحصر هذا النوع من الأعراس بين عارضتي “الضجيج” لاغير، وهنا تحديدا يكون دور منظم الأعراس لعرض أهل الإختصاص من فنانين مع فرقة متكاملة من العازفين على مختلف الٱلات الموسيقية أو مؤدي الأغاني مع ٱلة موسيقية واحدة ومحسن صوت ولكن هذا الأخير يبقى بعيدا عن الإحترافية.
وأضاف المتحدث ذاته أن الإمكانيات المادية تحدد إن كان بإمكان صاحب الفرح دفع مستحقات فنان خاصة إن كان محترف أو معروف ومشهور مع فرقته لأن مستحقاتهم جميعا ليس بمقدور الكثير دفعها، عكس مستحقات فنان أقل شهرة مع ٱلة أو ٱلتين موسيقيتين هنا قد تكون التكاليف المادية أقل، ولكن يجب تشجيع الأعمال الفنية المحترفة والفن الأصيل حتى وإن كان الأداء في “عرس” والعمل على وضع حد للرداءة الفنية من خلال تكاتف جهود أهل الإختصاص.