وطني

“لم نرَ أي دولة تُعامل فرنسا بهذا الشكل”

في عز الأزمة الدبلوماسية.. مدير المخابرات الفرنسية يزور الجزائر

بلغت الأزمة الدبلوماسية الجزائرية ـ الفرنسية أوجها في الأسابيع الأخيرة بسبب تدخل الدولة الفرنسية بكافة سياسييها في الشأن الداخلي الجزائري بمحاولة فرض منطقها على طريقة التعامل مع مواضيع داخلية بحتة في صورة سجن الكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال، ووسط هذه الأزمة الكبيرة أكدت صحيفة “لوفيغارو” ذائعة الصيت أن نيكولا ليرنر المدير العام لجهاز المخابرات الخارجية الفرنسية (DGSE) قد حل بالجزائر في زيارة خاطفة يوم الإثنين الموافق لـ 13 جانفي الجاري، وأكد ذات المصدر أن ليرنر كان مرفوقا بوفد رفيع المستوى حين غادر باريس في حدود الساعة الـ 6.48 صباحا، وبعد اجتماع يُفترض أن يكون طارئا ومُهما، غادر الوفد الفرنسي مرة أخرى في الساعة الـ 11:54 صباحا.

وأكدت “لوفيغارو” أن هذه الزيارة تأتي في ظل توقف التعاون الأمني بين البلدين منذ الصيف الماضي، وهي تُمثل حسبها إشارة إيجابية ورغبة فرنسية في كسر دوامة التواترات بين باريس والجزائر مع الحفاظ على قنوات الحوار بالشكل الذي يخدم فرنسا والجزائر معا، ومن الواضح أن الجزائر لن ترفض أي قنوات حوار من الجانب الفرنسي، لكن الشرط الأساسي هو ضرورة بناء العلاقات مرة أخرى على أسس ندية واحترام متبادل، وإلا فإن الأزمة ستتوسع إلى غاية القطيعة وهو ما يُمكن اعتباره نجاحا لليمين المُتطرف في فرنسا ناهيك عن دول أخرى تنتظر بفارغ الصبر انهيار العلاقات الثنائية بين البلدين لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

وأظهر الخطاب السياسي الفرنسي في الأسابيع الأخيرة أن التذمر بلغ أوجه بشكل فعلي بسبب تشدد الجزائر في مسألة “السيادة” واعتبار التدخل في شؤون الدولة الداخلية خطا أحمرا لا يجب الاقتراب منه، بل إن الموقف الدبلوماسي الجزائر كشف مرة أخرى “النبرة الفرنسية المتعجرفة” بخلفيتها العسكرية التي تحاول فرض منطقها على شمال إفريقيا وكأن الأمر يتعلق بحقبة استعمارية.

وفي آخر التصريحات التي تؤكد ذلك ما جاء على لسان نويل لينوار وزيرة الشؤون الفرنسية السابقة عندما حلت يوم أمس ضيفة على برنامج “Points de vue” الذي يُبث على قناة “Le Figaro TV” لتُعرج كما يقتضيه الوضع السياسي الراهن على العلاقات الديبلوماسية المتوترة بين الجزائر وفرنسا على خلفية العديد من المواضيع محل الخلاف وخاصة ما تواصل صحيفة “لوفيغارو” وصفه بـ”الاعتقال التعسفي” للكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال.

وأكدت لينوار وهي تتحدث عن الخلافات الدبلوماسية الحاصلة بين الجزائر وفرنسا، أنها لم تر دولة تُعامل فرنسا بهذه الطريقة ، حيث بدأت كلامها بالقول: “في فرنسا لدينا نظام سياسي خاص بعض الشيء ونعتبر أن السياسة الخارجية هي مجال محجوز حتى لو لم يتم تضمين ذلك في الدستور، السيد بارو وزير الخارجية تحدث عن وضع ديبلوماسي مُقلق”، وأضافت: “أعتقد أن الوضع الديبلوماسي الحالي يطرح العديد من علامات الاستفهام، لكنه يكشف أيضا عن وضع مُفزع، صحيح أن الموقف الجزائري وخاصة موقف الرئيس تبون هو موقف مؤثر، لم نر أي دولة في العالم تُعامل فرنسا بهذه الطريقة، أبدا”، وتحدثت لينوار عن تعامل الجزائر مع فرنسا بطريقة لا تخلوا من فكرة ما وصفته بـ”الجانب التآمري” قبل أن تضيف: “هناك الكثير من السب والإهانة وهذا ما يُزعزع استقرار الدبلوماسية الفرنسية”، وأتبعت: “مثلما تعرف هناك المقولة الشهيرة التي تُعتبر نقطة قوة دبلوماسيتنا وهي أننا نتحدث إلى الجميع، ولكن في هذه الحالة نحن لا نستطيع الكلام لأننا نواجه طرفا يرفض الحوار”.

وجاءت هذه التصريحات تحت عنوان عريض لقناة “لو فيغارو” مكتوب فيه: “بوعلام صنصال: قضية نويل لينوار”، ولذلك فإنه من المستغرب أن تبحث المتحدثة عن حوار أو خضوع بالأحرى في قضية كاتب تعدى على السيادة الترابية للجزائر وأكد أن بعض ولايات الغرب الجزائري تابعة في الأصل لدولة أخرى، وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد أعربت قبل أيام عن استيائها واستغرابها الشديدين من التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام سفراء بلده خلال اجتماعهم السنوي بقصر “الإيليزي”، حيث نشرت بيانا صحفيا استنكرت فيه ما جاء على لسان ماكرون واصفة إياه بالتدخل المشين وغير المقبول في الشأن الداخلي الجزائري، وشددت الخارجية الجزائرية على أن قضية الكاتب الفرانكو-جزائري بوعلام صنصال لا تتعلق بتاتا بقضايا الرأي وحرية التعبير مثلما يُحاول الخطاب الفرنسي تصويره، بل إن الأمر يتعلق بالسيادة الترابية للجزائر وما تصريحات صنصال إلا تهديد واضح للسلامة الإقليمية للبلاد وهي “جريمة يُعاقب عليها القانون الجزائري”.

م. بلقاسم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.