
من المفارقات التي بتنا نعيشها يوميا ورغم وجود منظمات وجمعيات وهيئات يُفترض بها أن تكون مسؤولة بالدرجة الأولى على حماية المستهلك، إلا أنه غالبا ما يواجه المشاكل المحيطة به والتي تستهدفه رأسا منفردا ودون دعم للحد من تنامي أي مخالفة تحت كل المسميات المطروحة على مستوى ما يعني المستهلك من جميع النواحي، خاصة وأن هناك تمادي كبير في الاستخفاف بحقوقه وبصحته وبحياته سواء على مستوى الأغذية المتاحة في الأسواق والمحلات أو رداءة السكنات التي يتم توزيعها أو تم ذلك خلال العشريتين الأخيرتين أو الألبسة والأدوية والكثير مما يعد ضروريا وليس من الممكن مقاطعته أو الاستغناء عنه..
وقد اكتفت منظمات حماية المستهلك والجمعيات بالتركيز على جانب التوعية والتحذير وكشف بعض من المنتجات المغشوشة بتحفظ لا يصل إلى حد المتابعة القضائية والتعويضات وغلق المؤسسات المسؤولة على هذا التسيب الذي يستهدف الجزائريين في أمنهم الغذائي والدوائي وأرواحهم وحتى وهم يستلمون سكنات هشة غير خاضعة للمقاييس التي تضمن على الأقل سلامتهم في حال الكوارث الطبيعية الخفيفة إذ أن الكوارث الكبرى لا قدر الله ستنسف أقطابا سكنية وأحياء لم يُحسب في أثناء بنائها المغشوش أن الطبيعة لا يؤتمن لها جانب وأنه أرواح الجزائريين على المحك..
ودور حماية المستهلك يجب أن يخرج من ضيق “ضرورة التنبيه” المحتشم و”التحذير” وعدم الكشف الواضح والمباشر للمخالفين، بل يجب أن تشكل الحماية تهديدا لكل مخالف وغشاش وفاسد مع تحمل مسؤولية التبعات والمتابعات القضائية، مع الدعم المطلق من طرف المستهلكين الذين يستوجب الوضع الراهن أن يكونوا على مستويات عالية من الوعي والإدراك بجميع الحقوق والواجبات والتخلي عن السلبية وترديد التعليقات الفارغة والمنشورات التي لا تقدم ولا تؤخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تمر دون أن تحرك مسؤولا أو جهة أو تساهم في معاقبة الفاسدين ممن يعبثون بحياتنا وأرواحنا مع الاستهانة بعظم الجرم المرتكب بحق المواطنين بصفتهم مستهلكين يدفعون أموالا طائلة مقابل تلقي خدمات ومنتجات وامتيازات لا تتماشى مع تلك الأموال المدفوعة والمرصودة، لهذا فإن ارتقاء الحماية من التنظير إلى الفعل والتحرك مع تشريع قوانين تحمي منظمات حماية المستهلك وتمنحها كامل الصلاحيات لتحقيق ذلك؛ فإننا بذلك سنحد من هذا الانتشار الكاسح للغش والرداءة والفساد ونضمن الجودة والمصداقية والأمان للمستهلك الجزائري الذي يدفع ضرائب ضخمة في غياب حماية فعلية وفعالة.
سماح خميلي