
قام الباحثون من جامعة “نورث ويسترن” بتدريب خوارزمية التعلم الآلي باستخدام أكثر من 1.4 مليون صورة تاريخية للمستعرات العظمى وغيرها من الظواهر السماوية من نحو 16 ألف مصدر.وأعلن فريق بحثي من جامعة “نورث ويسترن” الأميركية عن تمكن أداة قام بتطويرها من القيام باكتشاف مستعر أعظم بشكل “مؤتمت بالكامل” دون أي تدخل بشري، الأمر الذي سيوفر مستقبلا وقت الفلكيين وجهدهم.
وسميت تلك الأداة «ماسح الأجرام العابرة اللامعة”، والمواسح الفلكية أدوات تقوم بتصوير مقاطع من السماء ليلا أو السماء كلها من دون تحديد هدف معين للرصد، ولكن هدفها هو ملاحظة أي تغيرات تعبر عن انفجارات نجمية مثلا أو مذنبات أو كويكبات تمر بالسماء. وبحسب بيان صحفي رسمي أصدرته جامعة “نورث ويسترن”، فإنه للكشف عن المستعرات العظمى تقوم التلسكوبات الآلية بتصوير المقاطع نفسها من السماء ليلا بشكل متكرر، بحثا عن تغيرات في الصور الجديدة لم تكن موجودة في الصور السابقة، وبعد أن تكتشف التلسكوبات أي تغير، يتولى الفلكيون المسؤولية للبحث عن طبيعة تلك التغيرات وتصنيفها.
لكن ما فعله ماسح الأجرام العابرة اللامعة الجديد هو أنه تواصل بشكل تلقائي مع منشأة “زويكي” للأجرام العابرة في ولاية كاليفورنيا، وحصل في الثالث من أكتوبر الجاري على صور متتالية للمنطقة نفسها في السماء عبر تلسكوبين بقطر 48 و60 بوصة من مرصد بالومار. بعد ذلك قامت الأداة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بدراسة تلك الصور، وفحص التغيرات الحاصلة بها وتصنيف ما حصل من تغير على أنه مستعر أعظم، ثم مقارنة الكشف بصور سابقة للتأكيد، ثم إعلان النتائج، بدون أي تدخل بشري على الإطلاق. وتمت بعد ذلك تسمية المستعر الجديد “إس إن 2023 تيك” (SN2023tyk.
تعلم الآلة: مصدر ذكاء الذكاء الاصطناعي
للوصول إلى تلك النتيجة قام الباحثون بتدريب خوارزمية للتعلم الآلي باستخدام أكثر من 1.4 مليون صورة تاريخية للمستعرات العظمى وغيرها من الظواهر السماوية من نحو 16 ألف مصدر. ويعد تعلم الآلة أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تُعنى بتحسين جودة النتائج بناء على التعلم من كم كبير جدا من البيانات.
وعلى سبيل المثال، فإنه للتفريق بين شكل الكلب وشكل القطة يتم تغذية الذكاء الاصطناعي بعشرات أو مئات الآلاف من صور الكلاب، ثم العدد نفسه تقريبا من صور القطط، وهنا تبحث برمجيات الذكاء الاصطناعي عن أنماط إحصائية تتشابه فيها القطط مع بعضها، وتختلف تماما عن الكلاب. بعد ذلك، يحول الذكاء الاصطناعي تلك الأنماط لقوانين ذات طابع احتمالي، يستخدمها عند فحص صور جديدة لم تعرض عليه من قبل، ومع كل صورة جديدة تضاف لقاعدة بياناته، فإنه يحسن من أدائه في المرة التالية. يشبه ذلك الطريقة التي نتعلم بها نحن البشر أي شيء في حياتنا، منذ نعومة أظفارنا.
أخيرا.. تم إدخال الـ AI إلى علم الفلك
نجحت محاولات العلماء مؤخرا في إدخال الذكاء الاصطناعي إلى عالم الأرصاد الفلكية بقوة، فمثلا في جوان الماضي، تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة “كيل” البريطانية من تطوير تقنية للتعلم الآلي تساعد علماء الفلك على تقدير أعمار النجوم بشكل أفضل من الطرق التي يستخدمونها حاليا. وبحسب الدراسة التي أعلن عنها في المؤتمر الوطني لعلم الفلك 2023 قام الباحثون بتغذية برمجية للتعلم الآلي باستخدام بيانات صادرة من مرصد “غايا” الفضائي بأكثر من 6 آلاف نجم، ومن ثم فحص وجود علاقة بين درجة حرارة النجم ووفرة عنصر الليثيوم على سطحه وعمره.
وفي أفريل الماضي، تمكن فريق جامعة “نورث وسترن” بمساعدة علماء آخرين من استخدام آليات ذكاء اصطناعي لتحسين جودة الصور الفلكية التي تلتقطها التلسكوبات الأرضية بشكل سيخدم كل فلكيي العالم لتطوير عملهم البحثي، حيث أتاح هذا الفريق أداة الذكاء الاصطناعي بشكل مجاني. وبعد تطبيق تلك الآليات الجديدة، أصبحت الصور الفلكية بعد تدخل الذكاء الاصطناعي أفضل بنسبة 38% مقارنة بأدوات تحسين الصور التقليدية، ما يقرّبها من جودة صور التلسكوبات الفضائية.
ويعد اكتشاف “إس إن 2023 تيك” دليلًا على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيدا بشكل خاص في توفير آلاف من ساعات العمل سنويا يقضيها الفلكيون في دراسة وتصنيف المستعرات العظمى، إضافة إلى أن هذه الخوارزميات ستكون أكثر دقة؛ لأنها ستنحي العامل البشري.
لكن على الرغم من ذلك فقد تكون لتلك الخوارزميات أعراض جانبية غير محببة بالنسبة للبعض، فمثلا مع تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الراصدة للمستعرات العظمى، فإن ذلك يمكن أن يقضي على إحدى الهوايات الفلكية بالنسبة للكثيرين حول العالم، وهي صيد المستعرات العظمى في السماء والإعلان عنها.
بالنسبة لهؤلاء فإن شخصيات مثل الياباني كويشي إيتاجاكي بمثابة نموذج في هذا النطاق، فقد اكتشف الرجل أكثر من 100 مستعر أعظم داخل مجرتنا وخارجها، إلى جانب 3 مذنبات و5 كواكب جديدة و5 نجوم متغيرة زرقاء مضيئة؛ كل ذلك وهو غير متخصص في هذا النطاق. ويوما ما، قد تختفي إنجازات كتلك تماما أمام قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة.
تقدم آخر على صعيد الاتصالات الفضائية
تشهد اتصالات الأقمار الصناعية تحولا كبيرا في استخدامها بفضل إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، فكلما تطورت التكنولوجيا زاد استخدامها على نحو واضح. وتشير التقارير إلى انخفاض تكلفة تزويد الخدمات عبر الأقمار الصناعية بفضل تدخل الذكاء الاصطناعي وزيادة استخدامه في مجال الاتصالات.
بحسب الشركات المتخصصة في اتصالات الأقمار الصناعية، أصبح هناك تقاربا بين الاتصالات الأرضية ونظيرتها الفضائية في ظل الجيل السادس من الاتصالات، الذي يُعرف باسم 6G، حيث سيكون للأقمار الصناعية دورا رئيسيا في توفير الخدمات من خلاله. وسيتمكن المستخدمين من البقاء متصلين بالإنترنت دائما، سواء كانوا على الأرض أو في الفضاء، وسيكون مستقبل الاتصالات الرقمية يسمح للجميع من الاتصال دائما في أي مكان، وفي أي وقت. وتمكنت هذه الشركات مؤخرا من تقديم حلول تبين كيف تستطيع الأقمار الصناعية أن تساعد في انجاز مهمات لها علاقة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.