مجتمع

“قيـام الليل هو سر نجـاحي في إتمـام حفظ كتـاب الله في وقت قصير”

أستاذة القرآن الكريم وباحثة الدكتوراه سميرة بن حمودة لـ "لأوراس نيوز"

يعدّ حفظ القرآن الكريم أحد  أعظم الإنجازات التي يمكن للإنسان تحقيقها، فهو ليس مجرد تلاوة وحفظا أو ترتيلا بل طريقا ينير القلب والعقل،  وفي هذا الصدد كان لنا حوار مع الأستاذة “سميرة بن حمودة” الباحثة في الدكتوراه بكلية العلوم الاسلامية بجامعة باتنة 1 والمتخصصة في الحديث وعلومه، كنموذج ملهم لمن وهبت حياتها لخدمة كتاب الله، من الحفظ إلى التعليم والتدريس و دخول عالم البحث العلمي.

بداية الرحلة.. خطوة نحو النور

وتقول سميرة أن رحلة حفظ القرآن لم تكن بالنسبة لها مجرد مهمة عادية، بل كانت مشروع حياة بدأ منذ أن التحقت بالمدرسة القرآنية “بلال بن رباح” بحي دوار الديس بباتنة، وكانت المدرسة فتيّة آنذاك كما كانت “سميرة” من أوائل الطالبات اللواتي التحقن بها، لتنهي حفظها الكامل للقرآن الكريم في وقت لا يتجاوز سنة ونصف فقط، ليصبح القرآن جزء لا يتجزأ من حياتها، حيث وجدت في حفظه بركة كبيرة، وانفتحت أمامها أبواب الخير، وقد دفعها حبها للقرآن والتفّه في أحكامه إلى اختيار دخول كلية الشريعة الإسلامية رغم معدلها العالي في شهادة البكالوريا، والذي كان يؤهلها لاختيار تخصصات أخرى، لكن شغفها بالعلوم الإسلامية كان أقوى، فقد أرادت أن تتفقه في تعاليم الإسلام وتدرسها بشكل عميق وتجد إجابات للأسئلة التي لطالما راودتها.

وأردفت محدثتنا أن طريق الحفظ لم يكن سهلا، إذ كانت البداية صعبة للغاية، لكن سر نجاحها يكمن التزامها بقيام الليل، حيث اعتادت على مراجعة عشرة أحزاب من خلال قيام الليل وتلاوة عشر أخرى سردا خلال النهار، مما ساعدها على التثبيت وعدم نسيان ما حفظته، وبالنسبة لها، الزمن لم يكن يقاس بالساعات والدقائق، بل بعدد السور والآيات التي تقرؤها، حتى أن تنقلها من المنزل إلى الجامعة كانت تقيسه بسبعة أحزاب تقرؤها في طريقها، وكذلك هو الحال حين تكون على متن الحافلة، أو عندما يكون هناك فراغ بين الحصص خلال مسارها الدراسي في مرحلة الليسانس، حيث كانت تستغله رفقة صديقاتها وزميلاتها في مراجعة وتلاوة ما يحفظنه من سور قرآنية من باب تثبيت الحفظ والاستغلال الأمثل للوقت.

وبفضل اجتهادها، تمكنت من الحصول على إجازة في رواية ورش وقالون وحفص، وافتتحت ختمة بالقراءات العشر على يد أحد الشيوخ، لكنها لم تتمكن من إنهائها بسبب التزاماتها الأكاديمية، فالتزاماتها العلمية وسعيها إلى الانتهاء من إنجاز أطروحة الدكتوراه جعلها تتأخر في ذلك، غير أنها تحاول قدر الإمكان إتمامها وفق طريقة عاصم، إلى جانب حرصها على اتمام مسارها الدراسي ومناقشة أطروحة الدكتوراه الخاصة بها في أقرب الآجال لتوفق بين حفظ القرآن وتدريسه وتحقيق النجاح في مجال البحث العلمي.

من الحفظ إلى التعليم.. رسالة سامية

وتجسيدا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه، لم تكتفِ سميرة بحفظ القرآن فحسب، بل انتقلت إلى مرحلة التدريس، حيث درّست في المقرأة الإلكترونية الجزائرية التابعة لوزارة الشؤون الدينية، وكانت أيضا عضوا في هيئة الإقراء بباتنة، إضافة إلى توليها رئاسة اللجنة الولائية للثقافة والتراث في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والتي لا تزال تدرّس فيها إلى غاية يومنا هذا، وتحرص على استخدام أنجع الطرق وأكثرها سرعة في تمكين الطالبات من حفظ القرآن الكريم  لاسيما حين يتعلق الأمر بالمبتدئات.

كما تحرص الاستاذة “سميرة بن حمودة” على التطوع في تعليم أحكام التلاوة في المدارس القرآنية والجمعيات الخيرية، من خلال تبنّي أساليب حديثة في تلقين القرآن للمبتدئين، مؤكدة على أهمية تحكيم القراءة الصحيحة وفق قواعد التجويد.

وعلى مدار سنوات، ساهمت “سميرة” في تخريج طالبات أصبحن اليوم أستاذات في القرآن الكريم، كما أشرفت على تجربة تحفيظ الذكور الذين تراوحت مستوياتهم الدراسية في ذلك الوقت بين السنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط، وقد نجحت التجربة وتمكنوا من حفظ القرآن الكريم في غضون 03 سنوات، واليوم، أصبح العديد منهم أطباء، دكاترة، وموظفين ناجحين، وهم نموذج حي يثبت مدى أهمية حفظ القرآن وقراءته، فنحن نلاحظ اليوم ان هناك عزوفا وهجرا للقرآن الكريم في مجتمعنا، رغم أن القرآن فيه من العلم والبركة ما يصلح حياة الانسان فحتى وإن كانت في حياته مصائب ومشاكل فستزول وستتحول حياته للأفضل بمجرد شروعه في حفظ القرآن الكريم.

شهر رمضان.. فرصة للتقرب من الله

وعن طقوسها الرمضانية، تحرص سميرة خلال الشهر الفضيل على إتمام ثلاث ختمات، ختمة نهارية للتلاوةختمة ليلية للقيامختمة للتدبر، كما ترى في هذا الشهر الفضيل فرصة ذهبية لإصلاح النفس والانتفاعمنالنفحات الإيمانية، محذرة من “لصوص رمضان” الذين يسرقون الوقت مثل المسلسلات، منصات التواصل الاجتماعي، السهر الطويل والنوم المفرط، داعية الشباب لاستغلال الشهر الكريم في حفظ القرآن وتقوية علاقتهم بالله عزّ وجل.

ووجهت الاستاذة  “سميرة بن حمودة” رسالة لكل من يتردد في حفظ القرآن: “لا تؤجلوا، بادروا، أخلصوا النية وأغلقوا أبواب الشيطانالذي يمنعكم من تحصيل أجر عظيم”وتختم حديثها برسالة قوية لقراء “الأوراس نيوز”:عليكم بالقرآن، عليكم بالقرآن، عليكم بالقرآن، فإنه بركة في الدنيا وأنيس في القبر ونور في الآخرة”.

شفيقة.س

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.