
في كل مرة نكتشف مدى انتشار السلوكيات غير المتحضرة والبعيدة كليا عن الأخلاق وآداب التعامل مع المحيط ومع الآخرين وحتى مع النفس وهذا ما يصنفنا من ضمن أكثر البلدان تخلفا من حيث احترام المرافق العمومية والمساحات الخضراء والعامة وحتى الفنادق ووسائل النقل الجماعي على تنوعها..فالجزائري لا يبدي احترامه لشيء إلا إذا سُلّطت عليه الرقابة الخارجية لأن الرقابة الذاتية في عطلة طويلة الأمد لم نصادف خلالها سوى المخلفات والقاذورات والنفايات التي أصبحت تحاصرنا في كل مكان نتجه إليه أو نعيش فيه أو مركب نركبه..فحتى الطائرات والبواخر الجزائرية تعاني من هذه الممارسات التي تشوه سمعة شعب بأكمله وإن مارستها مجموعات تعاني من تناقض بين مطالبتهم بضرورة التقدم والرقي وبين سلوكيات منحطة لا علاقة لها بمظاهرهم الكاذبة والمتملقة..
ويحدث أن تكون حتى في الطريق لتتلقى أوساخا غير متوقعة وصلت إلى حد إلقاء الحفاضات من على نوافذ السيارات والتي قد تتسبب في كوارث مرورية ناهيك عن الكوارث البيئية والأخلاقية التي تسببت بها بالفعل، والغريب أن نوعية السيارة الفخمة لا تعكس ذات الفخامة في سلوكيات أصحابها الذين لا علاقة لهم بالتحضر، لأن التحضر في النهاية غير مرتبط بما نملكه من ممتلكات وملابس ثمينة وأموال بل يتعلق بالأخلاق والممارسات والمبادئ التي تحافظ على المحيط وكل ما هو عمومي بقدر محافظتها على الأماكن والأشياء التي تحمل الكثير من الخصوصية..
ومن الممل أن يتكرر ذات الجدل حول ضرورة الارتقاء أو إلزاميته إن اقتضى الأمر بفرض غرامات ردعية لكل من يعتدي على الآخرين بفعل أو لفظ أو تصرف مؤذي ، لأننا في زمان يفرض بروتوكولاته وأسلوبه في الحياة وعلينا مسايرته والعيش وفق مقتضياته، زيادة عن كون هؤلاء “الهيشر” لا يمثلون أنفسهم فقط بل يمثلون شعبا بأكمله مجبر على تحمل تبعات أخطائهم وتصرفاتهم فيقال شعب الجزائر ولا يقال فلان وهذا الظلم المسلط على رقابنا يجب أن يواجه من كل معني وكلنا في الحقيقة معنيون بالتغيير تغيير الأفعال والسلوكيات التخريبية بيدنا وبلساننا وبالتبليغ ولا نكتفي بالتذمر ورفض هذه الممارسات التي تتزايد اطرادا مع زيادة أدعياء التحضر والعصرنة.
سماح خميلي