العمود

في محاولات تزييف الواقع

لكل مقام مقال

عندما يسلط الإعلام والحديث عن بعضه الضوء على فئة محدودة من المواطنين الذين يؤكدون على أن الأسعار في المتناول وأن الزيت متوفر وأن كل شيء وكل وضع على ما يُرام فهذا يُفقد الإعلام مصداقيته وانحيازه للحقيقة والواقع دون تزييف على حساب معاناة الملايين ممن عجزوا على توفير ما يلزمهم ليمر اليوم اعتياديا دون بحث “حثيث” على مواد تعتبر أساسية كالزيت، ومسألة بيعه في بعض الفضاءات التجارية التي تم تسخيرها للمستهلكين بغرض كسر الأسعار والوفرة إنما هي مغالطة أُريد من خلالها بعث الاطمئنان والتلويح بأن “الجهات المعنية” تتحكم في الأسواق وأن على المواطن عدم الخضوع لتأثيرات ما “يُشاع” من أزمات مفتعلة “منافية” للواقع المعاش..

وعندما تسمع وترى مثل هكذا تصريحات تجد أن المسؤولين في الجزائر يُراهنون على ظاهر الحلول وسطحيتها بدلا من التكفل الكامل بالقضايا التي تهم المواطن وتشغله وتُوقعه في حالة من الارتباك والتخوف من الحاجة والأزمات التي لم تعد تثير الهمم كما يقال (الأزمة تلد الهمة) وإنما تُورث المذلة والانكسار والإحباط والخوف من الحاضر وترقب المستقبل بحذر شديد، خاصة في حال تأزم الأزمات نفسها لتصل إلى تلك الحدود التي عايشناها خلال السنوات الماضية بكثرة الطوابير والصراعات والمضاربات والنزاعات، ليُصبح الشغل الشاغل لدى المواطن هو كيفية تحصيل مستلزماته والحصول عليها بأي شكل من الأشكال، بينما ما هو عادي هو عدم خلاء الرفوف من وجودها في الأساس بغير الحاجة إلى اللجوء إلى أسواق بديلة بصفة الرحمة، في حين أن ما هو مطلوب عموم الرحمة دون تخصيصها في جهات بعينها، ما دام من حق المواطن توفير متطلباته دون كل هذا العناء المُعايش يوميا مع عدم الاعتراف بوجوده من طرف بعض المسؤولين للأسف..

ويتعرض المستهلك بحلول الأزمات للابتزاز من كل الأطراف حتى تلك التي تلعب أدوارها بشأن توفير ما ندر من المواد الاستهلاكية، حيث يتم الترويج لمنتجات غير معروفة بالنسبة للمستهلك أو غير مرغوب بها لرداءتها مقارنة مع المنتج المعني بالأزمة أو العلامة التجارية ذات الرواج الأكبر، و”إرغامه” على شراء تلك المنتجات لعدم وجود بدائل بذات الجودة وهذا هو الواقع الذي يتم تزييفه بتصريحات (لقد نظمنا ووفرنا) وما شابه مما لا علاقة له بالأزمة نفسها ومعاناة المواطن.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.