
فرنـــــــــسا تنــــــزلق باتجــــــاه التصعيــــــــد
اختارت الاستفزاز عبر لعب ورقة "التأشيرات"
يأتي التصعيد الذي أقدمت عليه سلطات باريس يوم أمس في فرض تدابير جديدة خاصة بالتقييد على تأشيرات الجزائريين في سياق حرب نفسية طويلة يقودها اليمين المتغلغل في حكومة السيد فرانسوا بايرو، وهي في الواقع حرب تكشف بوضوح عن “وجع” قديم يقض مضاجع هذه الأطياف السياسية الحاقدة على كل ما هو جزائري، وهي كذلك الأطراف التي اعتادت التغريد خارج السرب كلما حلقت في السماء، واعتادت على رقص الديك المذبوح كلما وضعت أقدامها على الأرض.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح أقصى اليمين المتغلغل داخل الحكومة الفرنسية باب السجال عاليا ضد الجزائر بنقل الصراع المعلن إلى جبهة “التأشيرات” في خطوة غير مسبوقة وتفتقر حتى إلى أبجديات الإجراءات القانونية التي تفرض فيها المادة رقم 08 من الاتفاق الفرنسي الجزائري إبلاغ الطرف الآخر بالخطوة قبل تنفيذها.
وبدى أن حكومة السيد فرانسوا بايرو تدير قراراتها العملية انطلاقا من المنابر الإعلامية والقنوات التلفزيونية، حيث لم يكن الإجراء المتخذ أمس أكثر من حديث منابر إعلام قبل أن تجعل منه الخارجية الفرنسية قرارا يحمل الطابع الرسمي وعلى نحو يكشف حجم السقطات الأخلاقية التي يفرض فيها البروتوكول الدبلوماسي إخطار المعنيين باتخاذ الإجراء قبل صدوره واعتماده.
ويكشف هذا التناقض في حد ذاته عن مستوى التخبط الذي يضرب مراكز القرار في العاصمة باريس خاصة بعد اشتعال فتيل الأزمة مع الجزائر على خلفية الانحياز الفرنسي لأطروحته الأصلية قبل أن تكون أطروحة المغرب بخصوص قضية الصحراء الغربية منتصف العام الماضي، والتي كشفت النوايا الخفية للضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وأن الذين “استولوا” على قرارات العاصمة باريس إنما يبحثون عن مشجب لتعليق الإخفاقات السياسية وتجذر الأزمة الاقتصادية التي تخنق الفرنسيين لدرجة وضع طبقات اجتماعية متوسطة على حافة التسول والاقتيات من القمامة.
ونفذ وزير الخارجية جان نويل بارو “تهديداته” التي أطلقها في تصريحات إعلامية حول تقييد التأشيرات في إجراء يهدف إلى التضييق على القرارات السيادية للجزائر وكذلك نتيجة شعور دوائر فرنسية بوجود “رائحة” جزائرية في جميع ملاحقات الطرد التي تعرضت لها فرنسا في مستعمراتها القديمة في إفريقيا وهو ما عجز اليمين الفرنسي تحديدا على ابتلاعه حتى اليوم ودفعه الحقد التاريخي الدفين البحث عن أي ذرائع تعيد له الشرف المفقود أو تغسل عنه العار
المخلد في سجلات التاريخ.
وسارعت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان مقتضب إلى إدانة قرار التقييد على التأشيرات والذي وصفته بالقفزة في اتجاه المجهول وأن دوائر فرنسية باتت تشكل خطرا محدقا بالدولة الفرنسية ككل.
وجاء في بيان الخارجية الفرنسية أن تدابير تقييدية على التنقل والدخول إلى الأراضي الفرنسية قد تم اتخاذها في حق الرعايا الجزائريين الحاملين لوثائق سفر خاصة تُعفيهم من إجراءات الحصول على التأشيرة
ما دفع بنظيرتها في الجزائر للرد بشكل فوري أعربت فيه عن استغراب الحكومة الجزائرية ودهشتها إزاء هذا الإعلان الذي لم يتم إبلاغها به بأي شكل من الأشكال مثلما تنص عليه أحكام المادة الثامنة من الاتفاق الجزائري الفرنسي المتعلق بالإعفاء المتبادل من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو لمهمة
وأضاف البيان أن السلطات الجزائرية ليست على علم بأي تدابير تقييدية من هذا القبيل باستثناء حالتين تم تسجيلهما في الآونة الأخيرة.
واعتبرت الحكومة الجزائرية هذه الإجراءات حلقة أخرى في سلسلة طويلة من اﻻستفزازات والتهديدات والمضايقات الموجهة ضد الجزائر، غير أن هذه التدابير لن يكون لها أي تأثير على بلادنا التي لن ترضخ لها بأي شكل من الأشكال متوعدة بالرد الرسمي على أي إجراء يضر بمصالحها بتدابير مماثلة وصارمة وفورية.
وخلص البيان إلى أن الجزائر صارت على ما يبدو محطّ مشاحنات سياسية فرنسية- فرنسية يُسمح فيها بكل أنواع المناكفات السياسوية القذرة في إطار منافسة يحرض عليها ويوجهها ويأمر بها اليمين المتطرف وتستدرج في سياقها ليس فقط القوى السياسية الفرنسية بل أيضا أعضاء الحكومة الفرنسية مما يهدد بعواقب غير محسوبة على جميع جوانب وأبعاد العلاقات الجزائرية الفرنسية.