العمود

فرنسا ليست أفضل من غيرها

بصراحة

في خضم التوتر الذي طبع العلاقات الجزائرية الفرنسية، وفي إطار الحديث  عما تشهده هذه العلاقات من كر وفر، لاحظنا بأن هناك فئة من المحللين للأسف قد تكلفت بلعب دور الوصي على “مصلحة الجزائر”، فباتت تصف من يخالفها في وجهة النظر بأوصاف  غير  لائقة على غرار “الأغبياء والحمقى”، وهذه الأوصاف موجهة لشريحة واسعة من الجزائريين الذين لا يلامون البتة في كونهم أحفاد “شهداء ومجاهدين” لم تكن العلاقات بالنسبة لهم مع أي كان يوما أسمى من “هيبة الجزائر” وكرامة الجزائر.

الغريب في الموضوع، هو أن أغلبية المدافعين عن “العلاقات الجزائرية الفرنسية” قد رحبوا في وقت سابق بتجميد العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، وقد رحبوا قبل أيام فقط بغلق المجال الجوي أمام الطائرات القادمة من وإلى مالي، بل ونادوا بقطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر ومالي، وطالبوا بقوة بترحيل الماليين وكل اللاجئين من دول أفريقية في الجزائر، وهم الذين نادوا مرارا بقطع العلاقات مع “دول خليجية” على غرار الإمارات العربية وغيرها، لكن، عندما يتعلق الأمر بفرنسا فإنهم يكيلون بمكيال آخر، وفي هذا الصدد نتساءل، ما الفرق بين فرنسا التي لا تريد فئة ما أن ندخل معها في صراع، بل وتتمنى أن تكون علاقتنا بها “سمنا على عسل” وبين بقية الدول التي تريدنا أن نقطع علاقتنا بها لدرجة أن هناك من نادى بخروج الجزائر من جامعة الدول العربية؟

الملاحظ، هو أنه لا يمكن إنكار حاجتنا لأن تكون علاقاتنا الدبلوماسية متينة مع كل الدول الشقيقة، الصديقة والشريكة، بل ومع كل دول العالم كي لا نكون في معزل “عن العالم”، لكن، وفي نفس الوقت، لا يجب أن نندمج مع المجتمع الدولي من موقع “الدولة الضعيفة غير المحترمة”، ولا يجب أن نكون حاضرين في المجتمع الدولي لمجرد أن نسجل الحضور فنرضى بأية زاوية، بل يجب أن نؤسس  علاقاتنا الدبلوماسية وفق مبدأ “احترم تحترم”، وكنا قد قلنا في وقت سابق أننا بحاجة لمسؤولين بعقلية “مجاهدين”، حيث لا احترام لمن  لا يحترمنا ولا احترام لمن لا يحترم دولتنا، وكنا قد قلنا أيضا بأن هيبة الدولة من هيبة رجالها، ولهذا، ففرنسا ليست أفضل من غيرها، خاصة وأن بيننا وبينها “تراكمات تاريخية” تحجرت ولا يمكن هدمها إلا بما يعيد الاعتبار للجزائر، ويضمن مصالحها، وإلا فلسنا بحاجة لعلاقات تهز “مكانة الجزائر” كدولة ذات سيادة.

سمير بوخنوفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.