
تدخل حملة الرئاسيات هذا الأسبوع منعرج الحسم النهائي بعد صولات وجولات مكوكية قادها المترشحون وداعميهم داخل وخارج حدود الوطن بهدف استمالة الناخبين نحو البرنامج الأفضل والأنسب مستقبلا، ساعد في ذلك الهدوء والرزانة التي التزم بها “الفرسان” الثلاثة على مستوى الخطاب الموجه للأمة والأفكار الملقاة للنقاش في مختلف التجمعات الشعبية واللقاءات الجوارية، أين رفعت في معظمها منسوب الحوار والتفاعل الديمقراطي السائد في البلاد وأعطت فكرة واضحة على أن 07 سبتمبر هو بصدق “عرس جزائري” أيا كان بطل هذا الاستحقاق.
عبد الرحمان شايبي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعرف الرئاسيات في الجزائر لأول مرة حملة انتخابية تجري في كنف الحوار الهادئ وعلى مستوى النقاش السياسي بعدما خلا السباق نحو المرادية من أسماء مترشحين اعتادوا توزيع الوعود ونثرها يمينا وشمالا في الشارع دونما اكتراث أحيانا بمصداقيتها أو حتى استحالة تطبيقها على أرض الواقع لاحقا.
وتأتي الرئاسيات في الجزائر لأول مرة كذلك وفق ضوابط قانونية ودستورية مهدت الطريق لظهور “فرسان” يطرحون برامج انتخابية أمام المجتمع وليس “أرانب” سباق يتوقف دور بعضها أو غالبيتها على إحماء “الطرحة” أمام ممثل السلطة مثلما حافظ عليه المشهد السياسي العام في أغلب الاستحقاقات والمواعيد قبل الحراك.
وبدا من عناوين البرامج الثلاثة التي حملت وسم “فرصة” لمترشح حركة حمس و “رؤية” لمترشح الأفافاس بجانب “من أجل جزائر منتصرة” الذي تقدم به المترشح الحر عبدالمجيد تبون، وجميعها برأي المتابعين شكّلت عنوانا يتجانس مع المرحلة الراهنة ويصب في تأكيد أن تاريخ السبت المقبل هو بمثابة ضرب موعد ثابت للعرس الديمقراطي في الجزائر، بغض النظر عن ملامح وهوية الفارس الذي سيخرج من صندوق التزكية مدججا بالإرادة الشعبية الحرة.
وتكفلت الحملة الانتخابية بالرد على المشككين الذين طعنوا أول الأمر في إجراء الانتخابات الرئاسية من أساسها تحت ذريعة تخييم “أجواء حرب” حاول البعض الترويج لها بهدف التشويش على هذا الموعد الهام.
كما تكفلت أجواء الحملة التي سارت في كنف الهدوء والاستقرار بإبراز “الاستثناء” الذي تنفرد به الجزائر “القارة” أمنيا، وسط محيط إقليمي يتغالى بالدسائس وتضارب الأجندات الأمنية على طول حدود الجوار.
وتعدت الحملة الانتخابية بعد إتمام أسبوعين من عمرها القانوني على تزايد الاستقطاب الجماهيري الذي بدأ أول الأمر محتشما، وما لبث أن تحوّل إلى حشود أبقت على حظوظ المتسابقين في المنافسة حتى لحظة نطق الصندوق بالكلمة الفصل لهذا المعترك الانتخابي الذي دخلته الجزائر بضوابط وأسس داعمة للبناء الديمقراطي استوجب على المترشحين الثلاثة تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم حتى الآن.
ولاقى المترشحون في تنقلاتهم في الجهات الأربع للوطن الاستقبال والتجاوب الشعبي حيثما حلوا وارتحلوا ما أعطى أجواء انتخابية حقيقية بعيدة عن التهريج و”الزرد” ارتقى فيها خطاب السادة أوشيش وتبون وحساني شريف إلى مستوى “المأمورية” التي تليق بسمعة الدولة وصورة منصب القاضي الأول في البلاد. حيث ألقى المتنافسون بالخطوط العريضة لبرامجهم مباشرة إلى الشعب مشفوعة بخطابات التذكير تارة، والتودد أحيانا أخرى من أجل الظفر بالضوء الأخضر الذي يجعل من الطريق إلى المرادية سالكة وآمنة للعهدة القادمة دون توزيع الوعود الجوفاء أو ترديد الخطابات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وكما كان متوقعا فقد اعترض السير الحسن لحملة الرئاسيات المسبقة هجمات متتالية قادتها أصوات تدين بالعداء العلني لكل ما هو جزائري أغلبها من خارج الجغرافية الوطنية سعت ـ ولا تزال ـ إلى وضع العصا في عجلة الاستحقاق، وهو ما بدى “أنفاس أخيرة” تلفظها يوميا شرذمة المتربصين بهذا الموعد الوطني بالتحالف مع الساعين في يأس واضح إلى ثني قافلة الجزائر الجديدة على استكمال سيرها الطلائعي في القارة وفي المحيط الإقليمي الذي تقوده الجزائر حتى الآن بثبات وباعتراف أممي، والأهم في كنف الوحدة وقوة اللحمة الوطنية، ما يجعل من “نباح” المخزن وعويل دوائر المستعمر القديم ليس أكثر من صرخة أصم في واد سحيق.