لقد تحدثنا أكثر من مرة عن ظاهرة باتت متفشية في مؤسسات الدولة، والحديث عن ظاهرة غياب التنسيق بين المؤسسات رغم أنها تعمل تحت راية واحدة وضمن دستور واحد ومن أجل هدف واحد وهو خدمة المواطن الجزائري وتسيير شؤونه وبالتالي خدمة “الدولة الجزائرية”، وإن كانت الدولة عبارة عن مؤسسات يكمل بعضها بعضا إلا أن كثيرا من مؤسسات الدولة في الجزائر تعمل بسياسة أن هذه مستقلة عن تلك وكأن لكل مؤسسة قانون أو أن لكل مؤسسة دستور.
غريب ما يحدث فعلا، فتخيلوا أن المواطن الجزائري عندما يهم بتجديد رخصة السياقة فإنه يقع في مشكلة إذا صادف وأن أتلف جزء من الرخصة، أو يمكن القول بأن المواطن يصبح غارقا في حلقة مفرغة لا يجد فيها حلا، فعندما يغيب رقم ما من الأرقام المطبوعة على الرخصة فإن المواطن يصبح مجبرا على البحث عن “نسخة طبق الأصل” لرخصة السياقة عندما “كانت جديدة”، وإن لم يتفطن المواطن لنسخ رخصة السياقة فإنه يدخل “في حيط” ويتم رفض ملف تجديد الرخصة دون تقديم حلول أخرى له.
المعروف أن المواطن الجزائري يتقدم إلى أحد الشبابيك “بالدائرة أو البلدية” عندما يهم باستخراج رخصة السياقة أول مرة، ويقدم ملفا كاملا، أين يفترض أن يقوم الموظف بتسجيل معلومات الرخصة الأصلية في السجلات وبعد ذلك في الأرشيف، هذا الأخير الذي يفترض أن يكون اليوم “رقميا” أي منسوخا على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالإدارة المعنية، ولهذا فالمفروض أن يقوم الموظف المكلف باستلام ملف تجديد رخصة السياقة أن ينسق مع الإدارة التي نسخت معلومات الرخصة الأصلية وهكذا يتم التأكد من الأرقام الممسوحة أو الأجزاء التي أتلفت لأسباب ما، لكن، ولأن العديد من الموظفين يرون في الأمر “عملا إضافيا” رغم أنه واجب بحكم عملهم ووظيفتهم فإنهم يجبرون المواطن على أن يسلك مسالك “وعرة” كي يحصل على حق من حقوقه والحديث عن “تجديد رخصة السياقة”.
إذا لم يكن هناك تنسيق بين مؤسسات الدولة فلما يتم إثقال كاهل المواطنين بالوثائق وبالإجراءات التي لا تعد ولا تحصى؟ وإن كانت مهمة الموظف “العمل على إنهاء ما بين يديه” وفقط فلما وجد الأرشيف؟ وإن كان المواطن يضطر لأن يخرج في رحلة بحث عن الحلول في كل مرة يصادف فيها مشكلة إدارية فلما وجدت أجهزة الحواسيب في الإدارات؟ كل هذه الأسئلة يمكن الإجابة عنها بالقول أن “العديد من الموظفين” في مؤسسات الدولة يحلمون ويسعون لشيء واحد، وهو تجسيد مبدأ “راقدة وتمونجي”، وهذا منكر في بلد يسعى لأن يتطور ويحقق نهضة على أكثر من صعيد.
حمزه لعريبي