
منذ أن تم الإعلان “المفاجئ” عن توقيف الدروس الخصوصية ومنعها إلى أن يتم التوصل إلى تسوية تكون لصالح التلاميذ المُقبلين على وجه الخصوص على شهادتي التعليم المتوسط والثانوي، فإن حالة من الهلع أصيب بها الآلاف من التلاميذ الذين يعتمدون اعتمادا كليا على الدعم خارج مؤسساتهم التربوية ما جعلهم يتخبطون في أجواء دراسية لم يتعودوا عليها كما هو حال الأجيال السابقة لعهد انتشار الدروس الخصوصية والتي هي نتيجة الظلم المادي والمعنوي المُسلط على الأساتذة، وتراخي بعضهم في أداء مهماتهم وواجباتهم في الفصول الدراسية وهو الوضع الذي ساهم في تدارك هذا التقصير بتقديم الدعم الخارجي وغير ذلك من عديد الأسباب التي تراكمت لتنتج لنا جيلا يعتقد وبشدة أن نجاحه مرتبط بالدروس الخصوصية وأن أي مساس بها سوف يهوي بنتائجهم الدراسية إلى الحضيض..
ولجوء تلاميذ التعليم الثانوي إلى الإضرابات والاحتكام إلى الشارع ومغادرة مقاعد الدراسة لم يكن إلا نتيجة حتمية للضغوطات التي يتعرض لها التلميذ الجزائري في جميع الأطوار والمستويات دون أن يكون لفيدراليات أولياء التلاميذ والجمعيات المنضوية تحتها أي دور فعال يُذكر كشهادة للتاريخ أنهم قاموا بواجبهم اتجاه هذه الفئة التي هي بحاجة دائما إلى فئات رشيدة ومسؤولة يمكنها إسماع أصواتهم إلى كل المسؤولين على انهيار المنظومة التربوية والذي تنبأ به المخلصون من أبناء القطاع والذين لطالما نادوا بتغيير المناهج وتقليصها والابتعاد عن الحشو الزائد والمواد التي لا نفع فيها للمتمدرس وتكييف الحجم الساعي وفق القدرات الذهنية والعقلية والجسدية للمعلم والمتعلم، وتوفير كل ما يلزم من وسائل وتجهيزات ومؤسسات لتسهيل التعليم والتعلم وعدم إخضاع المنظومة التربوية لتجارب مستوردة من بلدان أثبتت فشلها وعدم أهليتها لتكون أنموذجا يُحتذى به أو يؤخذ بمناهجه..
ولطالما كانت المدرسة الجزائرية على المحك وما تزال وهي تواجه تحديات كبرى تستوجب التأسيس لرؤى استشرافية في سبيل مدرسة جزائرية أصيلة، لهذا فإن الجزائر مُطالبة خاصة وهي على “طريق التغيير” أن تبدأ بالأساس المتمثل في المدرسة وعدم المضي وراء ما يتم ترويجه من كون هناك من يقف وراء خروج التلاميذ وأن التحريض من داخل المؤسسات التربوية نفسها وأن القضية متعلقة بتوقيف الدروس الخصوصية وما إلى ذلك مما يحاولون به نشر المغالطات، وما دمنا نتفق على هدف مشترك وهو المصلحة “العليا” للتلاميذ فإن المسؤولية عظيمة وأنه حان أوان التغيير والتأصيل.
سماح خميلي