العمود

عندما يتغنى العبيد بالكرامة

وجب الكلام

أراد أحد الكتاب استفزاز المؤلف والكاتب الإيرلندي الشهير “جورج بيرنارد شو” فقال له “أنا أفضل منك، فأنا أكتب عن الشرف وأنت تكتب عن المال”، فرد عليه جورج قائلا “كل منا يكتب عما ينقصه”، فأنا ينقصني المال وأنت ينقصك الشرف، وفي سياق المغزى من الحوار، كان الفرنسيون معروفون في أوروبا بقصر القامة مقارنة بغيرهم من الأوروبيين على غرار الألمان والروس، ولهذا فقد قررت الحكومة الفرنسية عام 1884 بناء برج طويل، والحديث عن برج إيفل لعل الفرنسيين يغطون به عقدة النقص لديهم، فانطلقت به الأشغال عام 1887 وانتهت عام 1889.
المغزى من المثالين السابقين، يمكن إسقاطه على واقع المملكة المغربية اليوم، ويمكن به تفسير ما يقوم به نظام المخزن في إطار التحضير لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025، وبداية بفعاليات حفل القرعة الذي تم تنظيمه أول أمس، أين تم الكشف عن تميمة البطولة وشعارها الترويجي الرسمي، والذي استوحى “ألوانه وأشكاله” من التراث الجزائري، وتم اختيار “القفطان الجزائري” كلباس رسمي للمذيعة التي قامت بتنشيط الحفل، أما الحدث الأبرز، فقد كان نشيد الكان الذي ضربت به كل أعراف الرياضة عرض الحائط، فمثلما هو معروف، فإن نشيد أية بطولة قارية يكون جامعا وشاملا ومستمدا من ثقافات البلدان المشاركة في البطولة، إلا أن نظام المخزن قد اختار نشيدا “يمجد المغرب” وكأن البطولة مغربية وليست أفريقية، والغريب أن فرقة الإنشاد قد اختارت كلمات على غرار “انا مغربي ورأسي مرفوع”، وهنا يحضرنا رد بيرنارد شو، حيث إن نظام المخزن ممثلا في هيئة لقجع قد اختارت التغني بما ينقص “زبانية الملك وعائلته” وهي الكرامة الممثلة “بالرأس المرفوع”، فما يعلمه الجميع في العالم هو أن رؤوس “العياشة” مطأطأة على الدوام، خاضعة ملتصقة بيد الملك وأيدي عائلته، وحتى بأرجلهم، وبالتالي، فلا عجب أن يتغنى العبيد بما ينقصهم، ولا عجب أن يتباهى العبيد بما ليس لهم وبما يحلمون أن يكون جزءا من ثقافتهم وحضارتهم وتراثهم، ولا عجب أن يستغل نظام المخزن أية مناسبة حتى وإن كانت رياضية ليغطي “عقد النقص” التي تلفه من “الساس إلى الرأس”.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.