العمود

عندما تهاجم الخنازير الأسود

بصراحة

عندما قبلت الحكومة الإسرائيلية توقيع اتفاق وقف النار فإن ذلك كان بمثابة رغبة في الدخول في مرحلة استرجاع، أي أن إسرائيل أرادت أن تضرب عصفورين بحجر، لملمة شتاتها وإعادة ترتيب أوراقها داخليا وخارجيا، وإرضاء الرأي العام في إسرائيل بتحرير بعض الأسرى تمهيدا لتحرير البعض الآخر، هذا هو تفكير إسرائيل كحكومة وكمجموعة والذي أرادت تصويره على أنه عملية “هدنة” أو عملية “إحلال للسلام” وإن كان مؤقتا، أما “فلسفة إسرائيل الحقيقية” فيمكن قراءتها في التصريحات الفردية، على غرار التصريحات المتتالية لوزير المالية “بتسلئيل سموتريتش”، والتي عبر من خلالها عن رفضه لوقف إطلاق النار معتبرا ذلك تشجيعا على قيام المقاومة وأتباعها بعمليات خطف للإسرائيليين في مختلف أنحاء العالم، بل واعتبر فكرة احتجاز إسرائيليين قد أثبتت جدواها وأركعت حكومة النتن ياهو، والذي أبقى سموتريتش في الحكومة رغم انتقاده لها هو أنه يعتقد أن إسرائيل ستعود إلى القتال قريبا، ولأنه مقتنع حسب قوله بأن نتن ياهو وأمريكا ملتزمان بإزالة حماس من غزة.

سموتريتش قال إن أهل غزة وحوش مفترسة، في تعبير صريح عن حقد وكراهية دفينين في أعماق كل صهيوني، غير أن سموتريتش لم يفهم على ما يبدو الفرق بين شراسة أصحاب الأرض كأسود مدافعة عن حماها وبين وحشية خنازير، وقردة خاسئين، وهو الفرق الذي ظهر لكل العالم في عملية تبادل الأسرى، أين خرج المحتجزون الإسرائيليون من الأسر بوجوه ممتلئة، مشرقة، وثغور باسمة وضاحكة وملامح متفائلة فرحة، بينما خرج الفلسطينيون المحتجزون من الأسر بوجوه عابسة بادية عليها ملامح “القهر” والتعذيب، إن لم يكن تعذيبا جسديا فتعذيبا معنويا، ولهذا، فعلى كل من يخطئ في الوصف أن يستفتي “العالم” أجمع ليفهم الفرق بين الأسود الشرسة والخنازير والقردة المتوحشة، ثم إن أهل غزة لم يخلفوا يوما وعدا، ولم ينقضوا اتفاقا ولم يعرقلوا أية مساع للسلام، بل إنهم ضحايا في كل مرة ومدافعين في كل مرة، والكيان الصهيوني مصر على لعب دور الجلاد والمجرم والمعتدي والغاصب، فعن أية وحشية يتحدث “الوحوش” وهم أسيادها؟

سمير بوخنوفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.