محليات

علامات كاملة في جامعة تعاني “القصور” العلمي!

نقاط فضفاضة تثير الجدل في باتنة

خلّفت العلامات “العالية” التي عنونت أغلب مذكرات التخرج للطلبة في جامعة باتنة العديد من علامات الاستفهام وتعدّتها في حالات أخرى إلى “الاستغراب” بسبب ما اعتبره ملاحظون جري خلف رضا وزير التعليم العالي ولو عن طريق “الإسراف” في توزيع العلامات بشكل جعل من جامعة باتنة 1 “حاتم طائي” جديد في مجال العلوم والمعرفة..

عبد الرحمان شايبي

 

تُوجت أغلب مذكرات التخرج لـ “حاضنة الأعمال” بمختلف كليات باتنة 1 بنتائج عالية ولافتة لم تتعود عليها كشوف الكليات والأقسام على امتداد المواسم الدراسية الأخيرة، ما فتح الباب على مصراعيه لتسرب تيار ساخن من التساؤلات حول هذا التنقيط “الباهر” الذي رافق أغلب مذكرات التخرج وحول ما تضمنته هذه المذكرات والرسائل من قيمة علمية لتحظى بهذا الارتقاء “الصاروخي” في سلم التنقيط من طرف أساتذة يُقر معظمهم بضرورة مباشرة الإصلاح داخل البيت الجامعي لاستعادة دورها كحاضنة للنخب ومنتجة للكفاءات العلمية بعيدا عن “مجاملات” التنقيط التي لن تزيد من واقع التعليم العالي في الجزائر ككل سوى الإرهاق وتكريس سياسة الرجل غير مناسب.

ولفت حصول مذكرات بعينها على العلامة “الكاملة” في تخصصات لا تتطابق عادة ومن منظور علمي مع هذه النتائج التي حتى وإن كان الهدف منها تشجيع الطلبة أصحاب الأفكار والمشاريع الناشئة، فإن ذلك لم يخف جانب “المبالغة” في إسداء مثل هذه المعدلات. الأمر الذي أنجر عنه جدل واسع بين أطياف الأسرة الجامعية نفسها وبين الطلبة الذين استشعر بعضهم وجود “تمايز” بين زملاء الصف الواحد في الجامعة الواحدة.

ولقيت أغلب مذكرات التخرج لأصحاب المشاريع الناشئة سلما تنقيطيا عاليا طال حتى المذكرات المتصلة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية خلفت الكثير من الغرابة باعتبارها خرجت عن سلم التنقيط المتوارث في الجامعة وأصبحت علامات التخرج فيها تنافس معدلات كليات العلوم التقنية والتكنولوجية وأقسام الرياضيات والفيزياء التي لا تُعتبر في العادة تتويج الطلبة بالعلامة الكاملة استثناءا أو خروجا عن نص المنطق العلمي.

ولم يقلل الملاحظون بانتقاداتهم لاختتام الموسم الجامعي من مجهود الطلبة في تحقيق نتائج مميزة غير أن إقدام الأساتذة على رمي النقاط يمينا وشمالا هو ما أثار الاستغراب وحتى السخط أحيانا داخل أطياف الأسرة الجامعية بعدما فُهم أن الهدف من وراء هذا “السخاء” إنما هو من أجل لفت انتباه الوزارة وأن جامعة باتنة منخرطة حتى الأذنين في إنجاح سياسة الوزير كمال بداري ولو بالقفز على الحقائق العلمية وعلى واقع التعليم العالي بالولاية.

وتتنافى “إكراميات” الأساتذة في تتويج معظم مذكرات حاملي المشاريع مع برامج الإصلاح الجامعي الذي دعت إليه الحكومة بشكل استعجالي قبل سنة إدراكا من الحكومة أن قطار الجامعة في الجزائر لم يعد في الاتجاه الصحيح وأن عجلاته كثيرا ما تخلط بين السير على السكة أحيانا وعلى مسالك التراب أيضا.

ويأتي انفراد جامعة باتنة بتتويج الأعمال الناشئة في ظل واقع يوصف بـ “المتقهقر” طبع مواسم التعليم الجامعي بالولاية لأكثر من عقد، حيث تتخلف جامعة باتنة عن أي ذكر في الترتيب العلمي للجامعات وطنيا وقاريا ما يجعل من عملية الإصلاح محليا أكثر من ضرورة ملحة وأن بيت الجامعة أحق بترتيبات بناء جديدة غير تلك التي لازمت مسيرة التعليم العالي في باتنة والتي ظلت رهينة التصادم بين سياسات الإدارة من جهة، وتعنت التنظيمات الطلابية وغيرها من الأحداث المؤسفة التي ظلت عنوان جامعة باتنة الوحيد على مختلف  عناوين الأخبار.

ويذهب متابعون في إبراز الوجه “الأسود” لجامعة باتنة إلى أبعد من هذا، حينما أتت مديرية الاتصال بمؤسسة الرئاسة على “توبيخ” القائمين على هذا الصرح العلمي في أعقاب محاولة إحياء مظاهر العهد البائد من خلال حادثة “الكادر” الموسم الماضي.

ومع أن تيارا واسعا داخل أسرة الجامعة برّر الإغداق بهذه العلامات على طلبة المشاريع الناشئة كنوع من التشجيع وتثمين ابتكارات الطلبة، فإن تيارات أخرى من داخل حرم المؤسسة أيضا رأت مبالغة كبيرة في انتهاج هذا المنحى الذي قد ينتهي بأغلب الأعمال والابتكارات إلى الهامش أول ما تلامس أفكار المتخرجين المتفوقين أرض واقع العمل وسوق الشغل في الجزائر مذكرين في ذلك المصير الذي آل إليه مشروع “المقاولاتية” الذي تبنته الجامعة قبل عقدين، وانتهت أغلب أعماله ومشاريعه بالارتطام في “حيط” واقع الاستثمار وذهنية سوق العمل في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.