
هل يمكن أن يتحول هم الإنسان إلى لحظات ضعفه وقلة حيلته ومرضه لينشغل بمن سيكون أنيس وحدته ومن سيتكفل به ويعينه على قضاء حاجاته، وهل تهاوت مستويات العلاقات الاجتماعية لتصبح مجرد روابط تفرضها القرابة والجيرة دون أن تكون مكللة بروح الواجبات المتبادلة بين الأفراد..
وقد أصبحنا نسمع عن أشخاص مسنين متروكين من طرف أبنائهم وإخوانهم وأهاليهم و حتى من أقرب جار لهم دون أن يتفقدهم أحد وهم محرومون من كل رعاية اجتماعية سوى ما تجود بهم محاولاتهم الضعيفة لإدراك أهم ما يحتاجونه، وهناك من يباغتهم المرض فيقعدهم أو على الأقل يجعل من وجود من يقف إلى جانبهم ضرورة ملحة ولو لفترة قصيرة، وهناك النفساء وغير ذلك من الحالات التي تستدعي التكافل الأسري والاجتماعي، هذا الغائب الذي جعل من العلاقات جافة ومتباعدة وباردة لا إحساس فيها ولا مشاعر..
وحيث أصبح الواحد منا يخاف انعدام المآزرة والسند أكثر من المرض نفسه فتم استحداث مثل يجسد ما آلت إليه العلاقات (لا خيانة أكبر من الصحة والعافية) فكل الخيانات على شناعتها لن يكون لها ذات تأثير خيانة الصحة التي لم تعد تجد من معين..
ومن المؤسف أن يصل بنا الحال إلى ما آل إليه اليوم ونحن مجتمع مسلم له ما له من الحقوق وعليه ما عليه من الواجبات..خاصة وأن نظام “المناسباتية” الذي يُنعش أعمال الخير وتوافد الخيرين هو السائد بينما أعمال الخير لا يمكن حصرها وتوقيتها.
ويجدر بالجمعيات الخيرية وأهل البر والإحسان والتطوع أن يكون لهم مواقف ومراجعات يومية لكل الحالات التي تستدعي مساندة ومساعدة وما أكثرها مع علم الجميع المتغاضي والمستهين وغير الآبه حيث هنالك بالضبط تُستوجب الوجهة..وجهة الجميع لعل الأقارب والجيران والأهل تتحرك فيهم الأخوة والبنوة وأي روح تجمعهم وقد فرقتهم المصالح ومشاكل الحياة المختلقة والفعلية وحتى العقوق الذي لم يعد محتكرا بين الآباء وأبنائهم بل صار هناك عقوق اجتماعي لم يصنف ولا يمكن تصنيفه بأي حال.
سماح خميلي