وصلت حوادث المرور في الجزائر مستوى الذروة أو تعدته وذلك بتصدرها المرتبة الأولى عربيا في معدلات ارتفاع مؤشر الحوادث إلى أرقام مرعبة، حيث الحصاد اليومي للأرواح والممتلكات بالإضافة إلى الضحايا من المصابين والجرحى والمعاقين ينذر بوجود مشاكل أعمق من تعليق هذه الحرب المعلنة على مستعملي الطريق المتهورين، إذ لا يمكن وحسب النسب والتقديرات المتاحة أن يكون كل السائقين على مستويات مشتركة من انعدام المسؤولية التي تؤدي في النهاية إلى تسجيل الحوادث المروعة التي تشهدها طرقاتنا يوميا للأسف، ما يؤكد تظافر أسباب متعددة ومختلفة تعاني منها الطرقات والمركبات لتحصل الجزائر على الترتيب الرابع عالميا في حوادث المرور كأسوأ ترتيب رغم صدارته، ما دام الجزائريون يحصون موتاهم وقد تحولوا إلى أرقام تتداولها الهيئات الرسمية ووسائل الإعلام بشكل مؤسف..
وقد تحولت حوادث المرور خاصة خلال السنوات الأخيرة إلى قضية محورية تتصدر اهتمام المواطنين والمسؤولين والإعلاميين دون أن يكون هناك وفاق فعلي نقف به عند الأسباب التي ساهمت في تفاقم الظاهرة وتشكلها كتهديد ينتهي بمآس وكوارث تستوجب إعلان حالة من الطوارئ على مستوى جميع الطرقات، والتي تُوجه إليها أصابع الاتهام بكونها من يقف وراء الحوادث بنسبة قد تقارب الثمانين بالمائة، خاصة وأن الطرق الفاسدة وكثرة الممهلات غير الخاضعة للمقاييس وعشوائيتها والمطبات تساهم بشكل مؤكد في تكرر الحوادث بالفظاعة المشهودة..
علما أن الميزانيات الضخمة الموجهة سنويا من أجل إصلاح الطرقات وتجديدها لا تعكس الواقع المرير الذي تعانيه الجزائر في هذا الجانب الذي يعرف أشغالا لا تنتهي على مدار العام بأيامه إلا أن طغيان الغش والفساد على مستوى قطاع المقاولات والأشغال العمومية وغياب الرقابة التقنية الجادة والصارمة التي تلتزم وتُلزم بضرورة العمل والاستثمار في الجودة والمصداقية بدلا مما نعايشه من إصلاحات وإنجازات سرعان ما يتكشف غشها بعد أيام من الانتهاء، ولا يمكن بأي حال الاستهانة بالتحليل المُرجح لكون التلاعبات الحاصلة على مستوى الأشغال في الطرقات تمثل أهم أسباب حوادث المرور، زيادة عن انعدام الجودة بالنسبة للمركبات وقطع الغيار مرورا بالتهور وعدم احترام قوانين المرور والأولويات والحصيلة حوادث مميتة لا يمكن أن يكون السكوت عنها حكمة بقدر ما هو مشاركة في جريمة منظمة ومنتظمة بحق الجزائريين وعلينا جميعا مواجهتها والتصدي لها بكل ما هو متاح للحد منها والحفاظ على الأرواح والممتلكات وتحقيق السلامة والأمن المروري.
سماح خميلي