
سَيمُوشْ الغَاضِبْ وَ خَنْفُوشْ صَائِدُ المَصَائِبْ (الفئة العمرية: 6 ـ 8 سنوات)
قصة أطفال
وَجَدَ القِرْدُ سَيمُوشْ نَفْسَهُ وَحِيدًا، وَسَطَ هَذِهِ الغَابَةِ الشَّاسِعَةِ، لَمْ يَبْقَ لَهُ صَدِيقً، أَوْ قَرِيبٌ
يَئِسَ بِهِ الحَالُ، فَارْتَحَلَ إِلَى مَكَانٍ جَدِيدٍ
أُوو أُوو، عَا عَا لَنْ أَعُودَ مَهْمَا حَدَثْ، اخْتَرتُ الذَّهَابَ الَى الأَبَد
اقْتَرَبَ مِنْهُ لَحْظَتَهَا أَحَدُ الحَيَوَانَاتِ عِنْدَ سَمَاعِهِ، فَالقِرْدُ قَدْ اخْتَارَ إحْدَى الكُهُوفِ، وَأَيُّ الكُهُوفِ؟ مَأْوَى الخُفَّاشِ خَنْفُوشْ، الَّذِي ظَهَرَ لَهُ قَائِلاً: “يَا لَسَعَادَتِي، ضَيْفٌ جَدِيدْ”
القِرْدُ سَيمُوشْ (بِتَعَجُّبٍ): مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الغَرِيبْ؟
سَتَعْرِفُ الجَوَابَ لاَحِقًا
وَفجْأَةً أَظْلَمَ الكَهْفُ، وَأُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ، لاَ مَخْرَجَ أَمَامَهُ ظَاهِرًا، وَالخُفَّاشُ يَطِيرُ حَوْلَهُ يَضْحَكُ بِقُوَّةٍ قَائِلاً: “أَنْتَ الآنَ فِي وَرْطَة”
غَضِبَ القِرْدُ سَيمُوشْ كَثِيرًا، تَطَايَر الدُّخَانُ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَخَرَجَتِ الشَّرَارَةُ مِنْ عَيْنَيْهِ، وَبَيْنَمَا هُوَ يُحَاوِلُ بِجِدٍّ اِمْسَاكَ الخُفَّاشِ خَنْفُوشْ، ضَرَبَ يَدَهُ فِي الجِدَارِ الصَّلْبِ
بَقيَ القِرْدُ سَيمُوشْ فِي ذَلِكَ الكَهْفِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فِي اليَومِ الأَوَّلِ جَمَعَ كُتْلَةً مِنَ الصُّخُورِ، وَحَاوَلَ الصُّعُودَ للقَفْزِ مِنْ فَوْهَةِ الكَهْفِ البَعِيدَةِ، ولَكِنَّهُ فَقَدَ تَوَازُنَهُ وَسَقَطْ، “آ آ ، أوو أوو أوووتْشْ هَذَا مُؤْلِم”
فِي اليَوْمِ الثَّانِي بَدَأ الجُوعُ يَنْهَشُ مِنْهُ، فَأَصْبَحَ ضَعِيفًا يَرْتَعِدُ “كِي كِي كِي، اشْتَقْتُ لَلمَوزِ الشَّهِي، ووَرَقَ الشَّجَرِ الطَّرِي”
وَتَذَكَّرَ لَحْظَتَهَا صَدِيقَهُ سَنْجُوبُ، الَّذِي كَانَ يَطْرُقُ بَابَهُ، وَفِي يَدِهِ الأَكْلُ الَّذِي جَمَعَهُ، لِيَصْرُخَ لاَحِقًا سَيمُوشْ فِي وَجْهِهِ، فَيَهْرُبُ سَنْجُوبُ مَذْعُورًا خَائِفًا، ولاَ يَعُودُ بَعْدَهَا أَبَدًا
بَحَثَ فِي الأَرْجَاءِ، “أُوفْ أُوفْ، رَائِحَةُ خَنَافِسَ مُتَعَفِّنَة، وعَنَاكِبَ مُقَزِّزَة، هَذَا لَيسَ طَعَامِيَ المُفَضَّلْ”
فِي اليَومِ الثَّالِثِ، هَبَّتْ رِيَاحٌ قَوِيَّة، وبَرُدَ الجَوُّ بِسُرْعَة ضَغَطَ عَلَى أَسْنَانِهِ مِنَ البَرْدِ “تَكْتَكْ تَكْ تَكْ”، “يَا تُرى كَيفَ حَالُ غَزُّولْ، عَلِقَ قَرْنُهُ بَينَ الشَّجرَةِ والشَّجَرَة، فَتَرَكْتُهُ دُونَ طَلَبِ المُسَاعَدَةِ لَهُ” ثُمَّ هَدَأَ أَخِيرًا القِرْدُ سَيمُوشْ فِي اليَوْمِ الرَّابِعِ، يُغَنِّي قَائِلاً: “أَنا القِردُ الهَادِئ، العَالِقُ فِي الكَهْفِ البَارِدْ”، وَلَكِنَّ سَيمُوشْ قَوِيُّ الارَادَة، ولاَ يَسْتَطِيعُ الاسْتِسْلاَمَ بِهَذِهِ السُّرْعَة، فَكَّرَ وفَكَّر الَى أَنْ …قَفَزَ فَجْأَةً سَيمُوشْ مِنْ مَكَانِهِ قَائِلاً: “وَجَدْتُهَا” وَتَسَلَّلَ يَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ فيهِ صَدَى، وَفِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، صَرَخَ بِكُلِّ قُوَّتِهِ “عَااااا عَااااا” ظَهَرَ خَنفُوشْ مُرْتَبِكًا، وَحَاوَل الطَّيرَانَ بعِيدًا، ولَكِنَّهُ لَم يَنْجَحْ، ففَقَدَ تَوَازُنَهُ وَسَقَطَ أَمَامَهُ مُنْكَمِشًا، مُخْرِجًا صَرِيرًا حَادًّا، مُتَوَسِّلاً لَهُ: “تِس تِس تِس، أَرجُوكَ تَوَقَّفْ عَنِ الصُّرَاخِ، لاَ أحْتَمِلُ الأَصْواتَ العَالِيَة، سَأَفْتَحُ لَكَ البَابَ الآنْ، أَنْتَ حُرٌّ فِي سَلاَمْ”
ابْتَعَدَ سَيمُوشْ خُطُواتٍ عَنْهُ قَائِلاً: ” مَنْ تَكُونُ أَوَّلاً؟”
أَنَا خَنفُوشُ صَائِدُ المَصَائِبْ، أُحِبُّ اللَّعِبَ مَعَ ضُيُوفِي، وَحَبْسَهُم فِي الكَهْفِ
سَيمُوش: وَلِمَاذَا تفْعَلُ ذَلِكْ يَا خَنْفُوشْ؟
لِأَنَّنِي لاَ أَمْلِكُ الأَصْدِقَاءْ، والضَّوءُ السَّاطِعُ حَرَمَ مِنِّي الخُرُوجَ فِي النَّهَارْ
تَأَثَّرَ سَيمُوشْ كَثِيرًا بِمَا قَالَهُ خَنفُوشْ، وَقَبْلَ أَنْ يُغَادِر وَعَدَهُ بِالرُّجُوع وَمُنذُ ذَلِكَ اليَوْم، أَصْبَحَ سَيمُوشْ أكْثَرَ رَقَابَةً فِي أَفْعَالِهِ مَعَ أَصْدِقَائِه، وقَامَ بِاصْطِحَابِهِمْ معَهُ الَى كَهْفِ خَنفُوشْ لَيْلاً، لِمُشَارَكَتِهِ فِي وَحْدَتِهْ.
الكاتبة: رُومَيسة سعدي /الجزائر