
لا يزال الرمي العشوائي للنفايات يشكل ظاهرة مؤسفة لم تستطع حملات التوعية ومبادرات التنظيف والأفكار الإيجابية التي تنشر ويُروج لها من طرف الفاعلين الفعليين على مواقع التواصل الاجتماعي أن تغير شيئا من الممارسات غير الحضارية التي يصر عليها الكثير ممن لا يكترث لمحيطه ولعظيم الأذى الذي يُلحقونه بالناس من حولهم، فقد وصل بالبعض التجرؤ والتخلف إلى درجة رمي فضلاتهم البيولوجية ـ أكرمكم الله ـ في أكياس بلاستيكية وقارورات عبر نوافذ بيوتهم كسلوك لا يمكن أن يُنسب لشخص سوي مهما كانت ظروفه المعيشية أو مستواه الثقافي والتعليمي، إذ هناك دائما حدود يجب أن نقف عندها كبشر حتى لا ننتقل بسلوكياتنا إلى مرحلة الحيوانية..
ومن المستغرب مع كل ما نملكه من وسائل التوعية المتاحة والمتنوعة والتي تصل إلى جميع الفئات أن نشهد مثل هذه الممارسات في الأحياء السكنية وعند مستعملي الطريق وحتى في المتنزهات حيث أن رمي النفايات أشبه بسلوك اعتيادي لا يشكل أي حرج أمام الآخرين وهؤلاء عادة إما غير مكترثين للسلوك ذاته أو لا يستطيعون استنكاره بشكل مباشر مخافة الدخول في مشادات كلامية أو عراك مع هذا النوع من البشر الاستفزازي تحت مسمى الحريات الشخصية، علما أن غالبية الجزائريين لم يصلوا إلى مرحلة متقدمة من ثقافة التبليغ عن المنكرات في حال عدم استطاعة التغيير الفوري والمباشر لأي سبب من الأسباب، رغم أن القانون يقف إلى جانب المُبَلّغ في حال تطبيقه واللجوء إليه حتى في القضايا “الصغيرة” التي لا نلقي لها بالا معتقدين أنه لا حق لنا يُدرك في حال الشكوى والتبليغ خاصة وأن مثل هذه القضايا لا تتطلب توكيل محامي ومصاريف زائدة ويمكن للعدالة الجزائرية أن تسهلها بتخصيص قاعات وقضاة اجتماعيين ومثل هذه التجارب أثبتت نجاعتها في كثير من الدول التي قربت القضاء لمواطنيها لتسهيل متابعة كل مخالف أو معتد على حياة الآخرين بالأشكال التي تبدو اعتيادية لكثرة ممارسيها..
إن المواطن يجب أن يرتقي حيث من المفترض أننا تجاوزنا مرحلة الحديث عن رمي النفايات في محيطنا أو من النوافذ والشرفات، وإن لم يكن رقيه إراديا بحكم انتمائه الديني والاجتماعي والجغرافي لهذه الأرض الطاهرة فللقانون ورجاله كلمتهم وسلطتهم التي تعيد الصواب لفاقديه إما تغريما أو توقيفا مع النفاذ.
سماح خميلي