
“سـارة قطاف” منـارة فارقة أكاديميـا ومهنيـا تسعى لإحداث بصمة في مسـار طلبتها
دكتورة وأستـاذة بجامعـة باتنـة1
كسبت محبة واحترام محيطها وكل من يتعامل معها، نتيجة ما تتمتع به من فطنة عالية يلفها تواضع وتجاوب وتبسم لا يفارق محياها، خاصة مع ما تسعى إليه بترك أثر طيب في نفوس طلبتها عبر تقديم المساعدة والتوجيه الدائم لهم في مسارهم الدراسي، وتجسيدا للتفاعل الفعال والإيجابي الذي تؤمن به في علاقتها مع هذه الفئة، مما يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويساعدهم في تحقيق أهدافهم، ومحاولتها للمساهمة في بناء شخصيتهم ببعد إنساني رحيم وعلمي رصين، بما يزرع فيهم التفاؤل الدائم في المستقبل الذي هم قادته غدا، وهو ما جعل الدكتورة سارة قطاف تتقلد مكانتها الفارقة بينهم واحتلالها طواعية وبجدارة، لتكون بذلك مثالا قارا للمرأة القيادية والفاعلة أكاديميا ومهنيا واجتماعيا.
لطالما اعتبرت الدكتورة سارة قطاف، العوائق؛ “فرصة للتطور والتحدي”، ماضية دون هوادة في مواجهتها متسلحة بإيمانها بأن “التوكل على الله أولا والسعي من خلال تحديد الأولويات والتنظيم يساعدان في تذليلها”، لكن ذلك لم يكن ليتم -حسبها- لولا “وجود سند ومساندة عائلية كونها سلاحا إضافيا يمنح قوة أكبر للاستمرار.
لم تخف الدكتورة سارة، حبهالمجال الدراسات الإعلامية والنقدية السينمائيةوالسيميولوجية، و”الميديا الرقمية والصورة والمسرح” بشكل خاص، أين تحيل أهميتها “في تعزيز الفهم العميق للمحتوى البصري وما تحمله الأفلام خاصة الوافدة من الغرب”، ولعل ذلك يتجلى أكثر مع مشاركتها لنا لمسارها العلمي والمهني الحافل في مجال الإعلام والاتصال، فهي أستاذة جامعية بجامعة باتنة1، وخريجة جامعة الجزائر دكتوراه العلوم في علوم الإعلام والاتصال، وماجيستير تخصص السينما والتلفزيون ووسائل الاتصال الحديثة، وخريجة المعهد العالي لمهن الفنون والعرض السمعي البصري Ismas تخصص مساعد إخراج سينمائي وتلفزيوني، ولم تكتف بذلك؛ لتلج العمل في المجال لسنوات كمساعد مخرج وسكريبت في أعمال سينمائية وتلفزيونية بالتوازي مع دراستها فيه، كما اشتغلت لمدة ثلاث سنوات كمستشار ثقافي، بالإضافة إلى مشاركتها في لجان تحكيم ونقد في مهرجانات سينمائية طلابية.
روتين رمضان بميزان النظام
وترى الدكتورة قطاف في رمضان “فرصة لتجديد العلاقة بالله، والاهتمام بالعبادة والذكر، ومحاولة الحرص على الجانب الإنساني”، فيما ترجع اختلاف نمط الحياة اليومية “الهادئة” فيه للصوم والعبادات مع التركيز على الأخيرة وعلى العائلة معا، حيث تحرص فيه المتحدثة على تنظيم وقتها بين ما هو روحي وعملي وبين الأنشطة التعليمية، معربة عن حبها للشهر الفضيل لما فيه من البركة في الوقت والنظام في العمل، مسِرَّة بكونها لا تطبخ كثيرا خلاله، وعن برنامجها الرمضاني، أوضحت سارة أنها تحاول دوما وضع خطط مسبقة، ولا تخرج إلا للعمل أو نادرا، حيث تخصص وقتًا معينًا لأشغال المنزل، ولمتابعة العمل والإشراف على الطلبة، بينما تحاول استغلال الأوقات الهادئة بعد الإفطار للتركيز على الجانب الروحي، أما عن الأعمال المنزلية وخاصة المطبخية فإنها تشرع فيها بعد السحور، محيلة تنسيقها بين العمل وشؤون الأسرة إلى “التوفيق من الله والتوازن والتنظيم الجيد للوقت”، ناصحة غيرها من السيدات بأنه “ليس شرط أن تنجز كل شيء دفعة واحدة، فهناك دوما مساحة للنفس والراحة”، مؤكدة صعوبة تحقيق ذلك، كونه لم يكن ليتأتى لولا “التضحية في حق العائلة والأطفال”، فالتنسيق بين العمل وأشغال المنزل على مدار الأيام ومع مرور السنين قد يكون تحديًا في بعض الأحيان، خاصة مع كثافة ساعات العمل، وعن “تغير المزاج في رمضان” أكدت السيدة قطاف أنه أمر طبيعي ووارد أحيانا بالنسبة لها، ولكن “ليس بسبب رمضان أو الصوم، بل بسبب ما نراه في المجتمع أو في وسائل الإعلام”، غير أنها تحرص على التأقلم مع الأجواء الروحانية الرمضانية، “لأنها أيام معدودات وتمر بسرعة، ويكمن التحدي في الحفاظ على النشاط والمزاج الإيجابي”.
شغف فني لا متناهي وبصمة للتكرار
تملك السيدة قطاف شغفا كبيرا بالفنون السينمائية والمسرحية، حيث تحرص على “المشاركة في دورات تعليمية وورش عمل تكوينية وتنموية في مجالات الميديا الثقافة والفنون السينمائية والمسرحية” والذي يمنحها توازنًا مع حياتها الأكاديمية، كما أعربت عن ميلها للنشاط خارج أسوار الجامعة، أين كانت عندها تجربة تأطير إطارات مسيري الأنشطة الثقافية حول التسويق الإعلامي وتنظيم التظاهرات الثقافية والعلمية والرياضية عبر الميديا الرقمية، كما شاركت في تأطير ندوة حول دور الإعلام السمعي البصري الثوري في مؤسسة عسكرية، مؤكدة أن اهتماماتها “لا تنحصر فقط في مجال السينما والإعلام بل أريد أن أكون جزء فعال في المجتمع، سواء في ندوات أو حملات تحسيسية أو أعمال إنسانية مع جمعيات وغيرها”.
وتمكن عملها كسكريبت في فيلم “الظل والقنديل” للمخرجة ريم الأعرج من ترك أثره لديها، خاصة أنه فيلم تاريخي “يحكي عن دور الطلبة أثناء الثورة التحريرية، فيما تعكس القصة مدى وعي ومسؤولية الطلبة الشباب وعزيمتهم على ماثلة الطالب عبد الرحمن بطل الفيلم”، مؤكدة حاجتنا لمثل هذه الشخصيات الشابة في هذا الوقت للنهوض بالوطن.
التضحيات ثمن قوة المرأة الجزائرية
وتبعا لمسارها الغني وهي لا تزال في الأربعينات من عمرها، لم تُغيِّب الدكتورة قطاف رغبتها في المساهمة في تطور الوطن في المجال العلمي والعملي والإنساني، وأن تترك الأثر الطيب في نفوس من تعلمهم أو تلقاهم، مؤكدة أن “المرأة الجزائرية قوية لكن هذا لا يعني أنها لا تقدم تضحيات على مستواها الشخصي أو على مستوى العائلة والأبناء خاصة الأمهات”.
رحمة. م