
زروال سيف الدين يحمل هم المحتـاجين ويسعى لتحسين جودة النشـاط الجمعوي
"القانون التأسيسي 12-06 يقيد العمل الجمعوي"
لا يعد انتصار الخيِّرين للحق والوقوف إلى جانب غيرهم ممن يحتاجون للعون، أمرا إيجابيا فحسب، بل يجسد أنبل معاني الإنسانية والرحمة التي أوصانا بها المولى -تعالى- وحبيبه المصطفى -عليه أفضل الصلاة والسلام-، ولئن تركزت هذه الأعمال على شريحة كبار السن من حيث المنطلق، فإن انبثاقها على يد الشباب يحمل أكثر من رسالة تضامنية تمسح ما التصق بهذه الشريحة من أنانية وغياب لروح المسؤولية ومد يد العون، وهذه الأخيرة هو ما دفع بالشاب الطموح سيف الدين زروال صاحب 30 عاما إلى حمل راية التضامن والتكافل وتقديم المساعدة للفئات المحتاجة من خلال جمعية “الود الخيرية التضامنية” التي أسسها رفقة شباب من جيله بعين التوتة، لرفع الغبن عن هؤلاء وتحسين جودة العمل الجمعوي، ما جعله بحق واحدا من النماذج الصاعدة الفعالة والخلاقة في الوسط الخيري بباتنـة.
وجاء تأسيس جمعية “الود الخيرية التضامنية”، كامتداد للنشاط الجمعوي الذي خاضه ابن عين التوتة بباتنـة على مدار سنوات سابقة، في حين عمد سيف الدين إلى إنشائها رسميا سنة 2021 رفقة مجموعة من الشباب الذين لا يتجاوز معدل أعمارهم 26 سنة، ليرسموا بذلك جملة من الأهداف التي يسعون لتحقيقها، وعلى رأسها تقديم الدعم والمساعدة للفئات المستهدفة (الفقراء، المرضى، الأيتام)، عدا عن العمل على تحسين جودة العمل الجمعوي عبر مشاريع تنموية وتعليمية، بالإضافة إلى تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي.
ورغم تنوع خطواته الحياتية علما وعملا وفنا، إثر حصوله على ماستر اقتصاد نقدي وبنكي من جامعة باتنـة 01، وتسييره حاليا لأكاديميته الخاصة بالتعليم، ومزاولته في الوقت ذاته لدوره كممثل للولاية بالمجلس الأعلى للشباب، وتأليفه لكتاب “ما بعد الربيع العربي وواقع النخب” الذي اعتبره امتدادا لعدد كبير من المقالات التي كتبها في عدة مواقع عربية؛ إلا أن ارتباطه بالعمل الخيري انطلق في سن مبكرة، عبر بوابة الجمعية الوطنية للوقاية والثقافة المرورية، والتي كُلف ضمنها بمهام منسق بالولايات الشرقية للوطن، أين عملوا على مدار سنوات على تنظيم فعاليات ودورات تحسيسية بأهمية الثقافة المرورية، بالإضافة إلى شغله لمنصب نائب رئيس الاتحاد الوطني للمواطنة وحقوق الانسان والتي تعد منظمة وطنية تعنى بحقوق المواطن، ليأتي بعد ذلك قرار تأسيس جمعية “الود الخيرية التضامنية عين التوتة” رفقة مجموعة من الشباب كجمعية محلية لها الحق في التكفل بمختلف الفئات الهشة بالمجتمع.
واستدل السيد زروال بعديد الحالات التي تركت أثرها على أعضاء الجمعية ككل باعتبارهم فريقا واحدا، والتي تمكنت الجمعية ورغم فتوتها من تقديم يد العون لها معنويا قبل أن يكون ماديا، ولعل أهمها “تلك الشابة البريئة من مدينة عين التوتة “إلهام زيرڨ”، وهي يتيمة الأب وتعاني من ورم على مستوى العين جعلها تعيش في ظروف جد صعبة، والتي بادرت الجمعية إلى تنظيم حملة محلية وطنية لمساعدتها وجمع المبلغ المطلوب لها لإجراء عملية جراحية في إسبانيا بعد رفض جمعيات عديدة التكفل بحالتها، لتشهد إلهام بذلك “هبة تضامنية غير مسبوقة كللت بإجرائها لعملية أولية في انتظار استكمال العملية الثانية والأخيرة”، بالإضافة إلى إحدى الحالات التي جعلت الجمعية ورئيسها يستحدثون هدفا جديدا للجمعية وهو “بناء المنازل لفائدة الذين لا مأوى لهم”، ويتعلق الأمر بـ “عائلة مكونة من 6 أفراد، ثلاثة أولاد منهم مرضى بالإضافة إلى الأب والأم، أين كانوا يعيشون في مرآب مهدد بالسقوط في أي لحظة، لتوفق الجمعية برفقة الخيرين في بناء منزل يحفظ لهم كرامتهم”، وقد أسال هذا العمل النوعي خير العطاء في هذا الجانب، حيث تمكنت الجمعية من بناء 8 منازل أخرى.
ولم تهمل “جمعية الود الخيرية التضامنية” البراءة في خضم أعمالها المزدحمة، بل قلدوا الطفل بحسب السيد سيف الدين صميم اهتماماتهم، لأنهم هم المستقبل، ومن خلال التجارب الواقعية، فإنهم لا يريدون رؤية أطفال تزاول دراستها ولباسهم مهترئ، أو بأحذية بالية، فكان مشروع الكسوة والحقيبة المدرسية من أول مشاريع الجمعية، حيث لم يسمحوا بترك متمدرس يستحق المساعدة دون تقديمها له عبر إقليم دائرة عين التوتة، بالإضافة إلى اهتمامهم بذوي الاحتياجات الخاصة ضمن جوهر مشاريعهم، ما جعلهم يعكفون منذ التأسيس على توفير الكراسي المتحركة لمن يحتاجها، أين أصبح للجمعية أزيد من 90 كرسي متحرك.
ويرى السيد زروال سيف الدين، أن العمل الجمعوي يسير في نسق متصاعد في الآونة الأخيرة خاصة بعد جائحة كورونا، فيما يعد القانون التأسيسي 12-06 أهم العوائق التي تواجه الجمعيات الخيرية، حيث أصبح لا يلبي طموحاتها نظرا لتقييد العمل الجمعوي من عدة نواحي، وهو ما دفعه رفقة أعضاء المجلس الأعلى للشباب إلى رفع توصيات للجهات الوصية لإعادة النظر في قانون الجمعيات، ما تولد عنه حديث عن مشروع قانون جديد سيصدر في المستقبل القريب.
رحمة. م