إسلاميات

رمضان مبادئ جليلة ومآثر عظيمة

فضائل رمضان

ها نحن نعيش أيام رمضان ولياليه المباركة والمسلم والمسلمة إذ يعيشان هذا الشهر الكريم هما في مدرسة وجامعة عريقة في تاريخها، جليلة في مبادئها، عظيمة في مآثرها، إنها مدرسة وجامعة فتحت أبوابها لتستقبل أفواج الدارسين في كل أرجاء المعمورة، مدرسة لا يحدها وطن، ولا يحويها زمن، لا تضيق عن استيعاب مريديها، ولا تغلق بابها دون أحد منهم، فصولها المساجد والبيوت الإسلامية، وكراريسها المصاحف والسنة النبوية، إنها مدرسة الصيام التي يتعلم منها المسلمون ويتهذب بها العابدون ويتحنث بها المتنسكون.

رمضان شهر الصيام والقيام وشهر القرآن والدعاء وشهر الجود والكرم وشهر الصدقة والمواساة، قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]. وقال صلى الله عليه وسلم: (كُل عملِ ابن آدم له الحسنة بعشرة أمثالها إلي سبعمائة ضعف يقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحةٌ عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك) متفق عليه.

ومن دروس مدرسة الصيام أن هذا الصيام يشعرك بالوحدة الإسلامية فتشعر بإخوانك في أقاصي الأرض ومغاربها، تصوم كما يصومون، وتفطر كما يفطرون، فابتداء الصوم واحد، وانتهاء الصوم واحد، وزمانه على الناس واحد، قال صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون). رواه الترمذي.

ومن دروس مدرسة الصيام أنه يشعرنا بالتعبد لله جل وعلا والإخلاص له والامتثال لأوامره جل وعلا وعندما يغيب عند العبد استشعار الإخلاص، ويتلاشى استشعار التعبد في شرائع الدين تتحول الصلوات إلى حركاتٍ بدنية رياضية، عندما يغيب التعبد يتحول الصوم إلى جوع وعطش وحمية، عندما يغيب التعبد يتحول الحج إلى نزهةٍ ورحلةٍ ترفيهية، عندما يغيب التعبد تتحول الزكاة إلى عطايا وهبات دافعها المجاملة والمحاباة، عندما يغيب التعبد لا يستسلم الإنسان إلى أمر الله ولا ينتهي عند نهيه، وعندما يحضر التعبد فإنه يصوم لله ابتغاءَ ثوابه وطلبا لرجائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وعندما يحضر التعبد فإنه يدع شهوته وطعامه وشرابه لأجل الله، أكلٌ وشربٌ في امتثالٍ لأمر الله: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187]، ولهذا كان مستحبا للعبد المسلم الصائم أن يأكل عند الإفطار وأن يأكل عند السحور وكُرِه له الوصال وإذا جاء النهار فلا أكل حينئذ كل ذلك تعبدا لله عز وجل وإذا طلع الفجر أمسك عن طعامه وشرابه وعن سائر المفطرات وباقي المفسدات امتثالا لأمر الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].

هكذا يربينا الصيام على كمال الامتثال والتسليم وعلى كمال العبودية لله أمره ربه أن يأكل في وقت فامتثل وأن يصوم في وقت فامتثل، والقضية ليست مجرد أذواق وأمزجة ولا مجرد شهوات، إنما هي طاعة لله جل وعلا وتنفيذ لأوامره جل وعلا وهذا كمال العبودية لله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.